جاء في حديث أنس بن مالك في صحيح البخاري أنه قال: (كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق، أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود له - أي: على جمل- فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: حق على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه)، أي: لا تغضبوا فما من شيء في الدنيا يرتفع إلا ولابد أن يضعه الله سبحانه وتعالى، فإذا كانت الناقة تسبق غيرها، فلابد أن تُسْبَقَ في يوم من الأيام.
إذاً: هذا في الناقة وفي البشر كذلك، فإذا رأيت شخصاً عالياً دائماً، فاعلم أنه في النهاية لابد وأن يضعه الله عز وجل، وهذا الإنسان الذي يرتفع لن يظل على هذا أبداً، فالإنسان يرتفع في شبابه وكمال قوته، ثم بعد ذلك ينزل ينزل حتى يصل إلى أرذل العمر.
والمستكبر ينسى ولا ينظر إلا تحت قدميه، ويتعزز ويفتخر بنفسه، قال الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ} [البقرة:204 - 206] هذا يوم القيامة، أما في الدنيا فأبى الله أن يرفع شيئاً إلا وضعه.
إذاً: احذر من المستقبل واحذر من الغد، فأنت اليوم في علو فقد أبى الله أن يرفع شيئاً إلا وضعه، فتواضع لله وأنت في علوك، حتى تظل على هذا الشيء إلى أن تلقى الله.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتواضعين، ومن أهل ذكره وشكره وحسن عبادته.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.