وعن أنس قال: (إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت).
صدق الله العظيم حيث يقول: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (كان خلقه القرآن) أي: كان عليه الصلاة والسلام قرآناً يمشي على الأرض، وقد بلغ درجة عظيمة في حسن الخلق صلوات الله وسلامه عليه؛ رباه ربه سبحانه وتعالى فعلمه مكارم الأخلاق، ففي سورة المدثر يقول له: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر:1 - 7].
يعلمه هنا آداباً منها: ((وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)) أي: عندما تعطي أحداً شيئاً فلا تستكثر أنك أعطيته، فأنت لا تعطي من جيبك، وإنما تنفق من مال الله عز وجل، وقد كان يقول لـ بلال رضي الله عنه: (أنفق بلال، ولا تخف من ذي العرش إقلالاً) أي: أنفق ولا تخف؛ لأن ربنا سيخلف ويعطينا سبحانه وتعالى.
وهنا يذكر في الحديث أن الأمة من إماء المدينة -أي: الجارية وليست المرأة الحرة- فكانت تذهب للنبي صلى الله عليه وسلم وتطلب حاجتها منه؛ لأنه أرفق وأحن وأرحم صلوات الله وسلامه عليه، فكانت تذهب إليه وتأخذ بيده صلى الله عليه وسلم، وتقول: اعمل لي كذا، فيذهب متواضعاً معها ويقضي لها حاجتها، فكان يذهب هو بنفسه صلوات الله وسلامه عليه.
انظروا إلى خلقه وتواضعه صلى الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ليقتدي به الناس.