(إن تبدوا الصدقات) أي: أن تعط الصدقة أمام الناس طالما أنها حسنة فلك الأجر على ذلك، ويجوز إعطاء الصدقة أمام الناس مع حسن النية، ولكن حسن النية هذه ستضبطه، كيف؟ لعل الإنسان في مرة يكون حسن النية ومرة يكون سيئ النية، مرة يبتغي وجه الله ومرة يبتغي رضا الناس، فهنا الإعطاء أمام الناس الأفضل منه الإعطاء في السر، فقال هنا: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة:271] نعمت الصدقة هذه، ولكن {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة:271].
إذا أخفيتها وذهبت لهذا الفقير في السر فأعطيته هذا المال يكون لك ما في الحديث: (صدقة السر تطفئ غضب الرب)، الله عز وجل قد يغضب على العبد، لكن إذا تصدق هذا العبد في السر فالله عز وجل يكف عنه غضبه، ومقتضى غضب الله عز وجل عقابه، فقال هنا سبحانه: {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:271]، وخير هنا أفعل تفضيل، يعني: هو أخير لكم وأفضل.
{وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة:271] ليس خيراً فقط بل أيضاً تكفير للسيئات، فكأنه عطف على شيء محذوف، يعني: هذا خير لكم، وسيعطيكم الله عز وجل من فضله، وأيضاً يكفر عنكم من سيئاتكم، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:271].