روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه عز وجل: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟!).
أيوب عليه الصلاة والسلام أعطاه الله عز وجل مالاً كثيراً، وقد كان من أنبياء الله ذوي الغناء واليسار، ثم ابتلاه الله عز وجل فأخذ منه ماله وعياله، وإذا به يصبر الصبر العظيم الذي يضرب به المثل: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص:44]، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ثم إذا بالله يعطيه مالاً عظيماً وفيراً، وكان عنده بيدران أحدهما للقمح والآخر للشعير، فإذا بالله يمطر عليه في أحدهما ذهباً وفي الآخر فضة، فامتلأ البيدران بالذهب وبالفضة، ورد الله عليه من ماله وعياله ما شاء الله سبحانه وتعالى.
وبينما هو يغتسل خر عليه جراد من ذهب، فإذا به يحثو منه في ثوبه، وكان عنده بيدران من ذهب ومن فضة، فلماذا يأخذ هذا الذهب؟ فإذا بالله عز وجل يختبره ويسأله فقال له: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ فقال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك! أي فشيء نزل من عندك فيه بركة، فلا أرده أبداً، فكان الرد جميلاً منه صلى الله عليه وسلم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل المطر من السماء يخرج تحت المطر ويحسر عن رأسه حتى يصيبه ماء المطر، مع أن الماء موجود في البيت، ويستطيع أن يغتسل منه، لكن المطر قريب العهد بالرب سبحانه، فيرجو بركته صلوات الله وسلامه عليه.
كذلك أيوب، فهذا ذهب نازل من عند الله سبحانه، فهو يرجو البركة من ذلك، وليس لكونه ذهباً، ولكن لأنه شيء ينزل من عند رب العالمين، وهي هدية من السماء لعباده، فيستقبلها أيوب ويطلب البركة من ذلك، وهذا هو الذي بوب عليه الإمام النووي بقوله: التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك به.
نسأل الله سبحانه العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.