يذكر لنا المصنف باباً في الإيثار والمواساة.
والشح أن يؤثر الإنسان نفسه على غيره، فيشح بهذا المال ويبخل به، ولكن الإيثار أن يبسط يده ويعطي غيره، ويرى لغيره فضلاً عليه.
والمواساة أن يواسي غيره ويرحم غيره، ففي قلبه العطف على الإنسان المحتاج، الذي نزلت به نوع من المآسي، فهو يواسيه بماله، ويواسيه بنفسه، ففيه الرحمة وفيه العطف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
قال سبحانه: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر:9] يؤثر المؤمن غيره على نفسه، هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار آثروا المهاجرين على أنفسهم فأعطوهم أموالهم وأشركوهم في تجارتهم، وفي أرضهم، وفي بيوتهم رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، قال: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر:9].
الخصاصة الحاجة، أي: ولو كان بهم جوع وهم محتاجون لهذا الذي بين أيديهم، فيعطي غيره من هذا المال، قال سبحانه: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان:8].
(ويطعمون الطعام على حبه)، يعني ابتغاء حب الله سبحانه، وعلى اشتهائهم لهذا الطعام، فيأتيه مسكين يقول له: أعطني لله، فيعطيه لهذا السائل وهو يحب أن يأكل منه، ولكن فضل غيره وآثره على نفسه؛ لأنه ينتظر الأجر من الله سبحانه، ويعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.