كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الكفر والفقر ومن عذاب القبر، ومع ذلك كان يسأل ربه سبحانه ويقول: (اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين)، والفقير هو من كان معدماً لا يجد شيئاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم تعوذ بالله من الفقر، لكن المسكين يجد أحياناً ولا يجد أحياناً أخرى، فكأن المسكين يجد فيشكر الله سبحانه، أو لا يجد فيدعو الله سبحانه، ففي أخلاقه التواضع دائماً، وهو موصول بالله في دعائه، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم طلب أن يكون عنده من التواضع ما عند هؤلاء المساكين الذين يسألون الله ويطلبون منه عز وجل، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب من الله أن يكون فقيراً ولا يجد شيئاً، بل تعوذ بالله من الفقر، فلما منعه الله سبحانه وتعالى الطعام أياماً صبر صلى الله عليه وسلم، وكان الأسوة الحسنة في صبره، وكان يربط على بطنه الحجر ويعمل مع سائر أصحابه في الخندق، وينزل بنفسه صلى الله عليه وسلم ليكسر صخرة ضخمة لم يقدروا عليها، وعندما كان يضرب الصخرة في الضربة الأولى خرج منها نور عظيم، فرأى فيه بشرى من الله سبحانه بأنه يؤتى ملك فارس، وفي الضربة الثانية بأنه سيؤتى ملك الروم، فيفتح الله عز وجل على يد النبي صلى الله عليه وسلم من الفتح ما شاء.
فالغرض من ذلك أن الإنسان يصبر كما صبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي به كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا حسن الاقتداء بالنبي صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه الكرام وأن يحشرنا معهم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.