جاء في الرواية الثانية أن جابر قال: (فأخرجت عجيناً فبصق فيه وبارك صلوات الله وسلامه عليه).
أي: جعل فيه من ريقه الطاهر الكريم ولذلك جاءت البركة.
قال: (ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك) أي: دعا بالبركة، وجعل فيها من ريقه الكريم، وريق النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان الصحابة يقتتلون عليه؛ وكان إذا أراد أن يبصق لا ينزل ريقه على الأرض، بل يقرب أحدهم يده؛ ليأخذه ويدلك به وجهه ويده.
هذا هو مقام النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، وهذا هو حب النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب أصحابه عليه الصلاة والسلام.
قال جابر: (ثم قال: ادعي خابزة فلتخبز معك)، وهنا يأمرها أن تدعو من تعينها على خبز ما في هذا القدر من الشعير، فكانت البركة، وكان الطعام كثيراً كفى هذا الجيش العظيم.
قال: (واقدحي من برمتكم، ولا تنزلوها، وهم ألف، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي)، أكل ألف رجل من هذه البرمة حتى شبعوا وانحرفوا عن الطعام، والبرمة كما هي تفور على النار ممتلئة بالطعام، قال: (وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو).
هذا هو النبي صلوات الله وسلامه عليه، وهذه بركة ريقه الطاهر ودعوته المباركة عليه الصلاة والسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم بصق مرة في بئر ماء وهم في الحديبية فإذا الماء يفور ببركة ريقه الطاهر.
وحاول مسيلمة الكذاب أن يقلد النبي صلى الله عليه وسلم، فبصق في بئر ماء وكان ماؤها عذباً فإذا بالبئر تصير مرةً ملحةً، وهذه إهانة من الله عز وجل لهذا المجرم الكافر.
أما ريق النبي صلى الله عليه وسلم فهو ريق طاهر، بارك الله عز وجل به هذا الطعام وهذا الشراب وكثره، وهذا الشعير فكثره، فأكل ألف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الطعام والطعام كما هو.