وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم).
فخير القرون قرن النبي صلى الله عليه وسلم، والقرن: الجيل الذي تعاشر في زمن واحد، فكل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم أو سمع منه قرنه.
والقرن الذين يلونهم: الذين لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم وقد رأوا أصحابه، وهو قرن التابعين.
والذين يلونهم: قوم لم يروا الصحابة أو رأوا الأفراد القليلين من الصحابة ورأوا التابعين.
فخير القرون من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، يليهم من رأوا أصحابه، يليهم الذين من بعد هؤلاء.
قال عمران: (فما أدري قال النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثاً، ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن) متفق عليه.
يكون من بعد قرون الخيرية الثلاثة الأول قوم يشهدون ولا يستشهدون، يعني: يشهد أحدهم من غير أن يطلبه أحد للشهادة؛ لأنه ليس أهلاً لها، فهو معروف عند الناس أنه كذاب وخائن، فيذهب ويشهد من غير أن تطلب منه شهادة؛ لأنه ليس من أهل هذه الشهادة وإنما هو شاهد زور.
قال: (ويخونون ولا يؤتمنون) فمن صفاتهم أنهم قوم يخونون ولا أحد يأتمنهم على أمانة؛ لأنهم إذا أخذوا الأمانة أو أخذوا الوديعة أو أخذوا العارية جحدوها وأكلوها ولم يعطوها أصحابها.
ويقول: (وينذرون ولا يوفون) يعني: ينذر لله يقول: علي أن أعمل كذا ولا يعمل، ويقول: لله علي إذا شفاني الله أن أعمل كذا ولا ينفذ.
قال: (ويظهر فيهم السمن)، والمعنى: أن شهواتهم في بطونهم، فهم مشغولون بالطعام والشراب، لا يأبهون لعبادة ولا طاعة ولا جهاد، وليس على بالهم شيء من أعمال الإسلام إلا الأكل والشرب وأن يتنعم في رغد العيش.