ذكر لنا الإمام النووي في هذا الباب آيات منها قول الله عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آل عمران:14]، عد الله سبحانه في الآية أشياء زينها للناس فكان التزيين بأصل الخلقة، فذكر الأرض وما جعل للناس فيها من أموال ومنافع.
إلا أن الشيطان قد أتى إلى أشياء لا تحل لهم فزينها وأراهم إياها على غير حقيقتها، فإذا بالإنسان يحب الدنيا ويتلهى بما فيها فيلهيه بريق الذهب والفضة وغيرها من المغريات، ومع أن الله عز وجل يأمره أن يأخذ من الحلال، وأن ينفق في الحلال فإذا بالشيطان يزين له تلك الأشياء، فإذا به يسرق الذهب ويسرق الفضة، ومع أن الله عز وجل خلقها لمنافع العباد وحرم على الرجل أن يلبس الذهب والفضة، وأخبره أنه إذا لبسها في الدنيا تحرم عليه في الآخرة، فإذا بالشيطان يزين له لبس الذهب والتحلي به، ويقذف في روعه أن لبس الذهب فعل الملوك.
كما بين لنا الله عز وجل أنه زين الخلق فجعل في الرجال جمالاً وكمالاً وجعل في النساء من الصفات الجميلة الشيء الكثير، ثم جاء الشيطان ليفتن العباد بعضهم ببعض، فيدعو الرجل إلى أن ينظر إلى من يحل له ومن يحرم عليه من النساء، وجعل النساء كذلك.
والتزيين من الشيطان يكون بقلب الأشياء عن حقيقتها وبجعل الإنسان يشتهي ما لا يقدر أن يصل إليه، فإنه يزين للمتزوج وعنده امرأته وقد تكون أجمل الجميلات، أن ينفر عن امرأته وينظر إلى امرأة أخرى قد تكون في غاية القبح، ثم يمشي معها ويترك امرأته، فإنه حين وقع في تزيين الشيطان يرى هذه جميلة ويرى زوجته قبيحة، وقد يكون الإنسان مع امرأته في عيش فاضل فإذا به ينظر إلى غيرها.
ومن تزيين الشيطان ما يجعل الإنسان يستمع لأشياء لا يحل له سماعها، وهكذا ديدن الشيطان يزين الباطل ويظهره على أنه حق.