وعن ابن مسعود رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرأ عليّ القرآن).
فهذا النبي العظيم الكريم صلوات الله وسلامه عليه سيد الخلق يجلس ويقول لـ عبد الله بن مسعود: اقرأ علي القرآن، فـ ابن مسعود يتواضع مع النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: (يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أنزل؟!) يعني: لقد أنزل القرآن عليك، ومثلي لا يقرأ عليك أنت، فقال صلى الله عليه وسلم: (إني أحب أن أسمعه من غيري).
قال: (فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء:41])، وهذه الآية العظيمة فيها تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم، ورفعة لمنزلته، ومعناها: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد يشهد عليهم، وجئنا بك شاهداً على هؤلاء جميعهم، فالشاهد في الدنيا محل تزكية، فهو مزكى تقبل شهادته، فكيف بالآخرة؟ ويشهد النبي صلى الله عليه وسلم على الأمم، فمقامه مقام علي جداً صلوات الله وسلامه عليه، ومع ذلك فهو ينظر لهذا المقام ولهذا الوقت ولهذا اليوم وللرعب الذي يكون فيه العباد فيبكي صلوات الله وسلامه عليه، فقال: (حسبك الآن، فالتفتُ إليه فإذا عيناه تذرفان)؛ من بكائه من هول الموقف وهو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فآدم فمن دونه تحت لوائه صلوات الله وسلامه عليه يوم القيامة، وهو يبكي من هذا اليوم، وهو الشفيع فيه، فنحن أحق بذلك منه صلوات الله وسلامه عليه.