وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات).
الحديث فيه الرجاء العظيم، فهو يضرب لك هذا المثال: نهر أمام بيتك تغتسل كل يوم في هذا النهر ثم تخرج نظيفاً وتدخل البيت، ثم تغتسل مرة ثانية وتخرج نظيفاً إلى البيت، وهكذا خمس مرات كل يوم؛ قال صلى الله عليه وسلم: (مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم).
قوله: (نهر جار) إذا كان الماء واقفاً قد يتعفن؛ لأنه واقف، أما الجاري فيتبدل، والماء مع تغيره وجريانه يكون ماءً نقياً.
والغمر: الكثير، فالماء ليس قليلاً، (غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات) هل يبقي ذلك من درنه شيئاً؟
صلى الله عليه وسلم أنه لا يبقي ذلك من الدرن شيئاً.
وفي رواية: (فكذلك الصلوات الخمس)، فالمؤمن يواظب على الصلوات حيث ينادى بهن، يرجو رحمة الله سبحانه، فالصلاة فيها تكفير للسيئات، وفيها رفع للدرجات، وفيها من الله عز وجل ما فيها من ثواب عظيم يوم القيامة، تتوضأ لأجل أن تصلي فإذا بالخطايا تتساقط من أعضاء الوضوء، ومع غسل كل عضو تتساقط الخطايا.
إذا جئت إلى الصلاة جمعت السيئات التي عملتها ووضعت فوق منكبيك، فإذا قمت تساقطت، وإذا ركعت تساقطت، وإذا سجدت تساقطت، وإذا أنهيت الصلاة فقرأت آية الكرسي لم يمنعك من دخول الجنة إلا أن تموت، فإذا سبحت الله ثلاثاً وثلاثين، وحمدت الله ثلاثاً وثلاثين، وكبرت الله ثلاثاً وثلاثين، وختمت بـ لا إله إلا الله غفرت ذنوبك وإن كانت مثل زبد البحر، ففي الصلوات الخمس تفعل ذلك.
وقبل أن تنام تسبح الله عز وجل وتحمده وتكبره كما في الصلاة، إلا أن التكبير يكون أربعاً وثلاثين فيكون العدد مائة، فهل تعمل من السيئات مثل هذا العدد؟ فالله عز وجل يجعل السيئة واحدة، ويجعل الحسنات مضاعفة حتى ترجو رحمته سبحانه، وتستعين به على عبادته سبحانه، وتواظب على هذه العبادة.
أما من اغتر بذلك وقال: أنا صليت في النهار هذا، وسبحت في النهار هذا، فلأعمل ما أريد من الذنوب، فهذا مغرور بعمله محتقر عذاب رب العالمين سبحانه، فالإنسان بمواظبته على الذنوب كأنه يحتقر العقوبة من الله فكان حقيقاً بأن يعذب ويعاقب يوم القيامة.
أما الإنسان الذي يتواضع في مشيه، والذي يعلم أن الله قادر عليه، وأنه يغفر بفضله ورحمته، وأنه لا يستحق شيئاً إلا أن يتقبل منه الله سبحانه، فهذا يستحق من الله المغفرة والتوبة عليه.