بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام النووي رحمه الله: [باب الرجاء.
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل، قال: (يا معاذ! قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: يا معاذ! قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: يا معاذ! قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثاً، قال: ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار، قال: يا رسول الله! أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟! قال: إذاً يتكلوا، فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً) متفق عليه.
وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما، قالا: (لما كان غزوة تبوك، أصاب الناس مجاعة فقالوا: يا رسول الله! لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعلوا، فجاء عمر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله! إن فعلت قل الظهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثم ادع الله لهم عليها بالبركة، لعل الله أن يجعل في ذلك البركة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فدعا بنطع فبسطه، ثم دعا بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجيء بكف ذرة، ويجيء الآخر بكف تمر، ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة، ثم قال: خذوا في أوعيتكم، فأخذوا في أوعيتهم، حتى ما تركوا في عسكر وعاءً إلا ملئوه، وأكلوا حتى شبعوا وفضل فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة) رواه مسلم].
وهناك أحاديث أخرى يذكرها الإمام النووي رحمه الله في كتابه القيم رياض الصالحين في باب الرجاء، وهذا الباب معقود في الإنسان المؤمن الذي يرجو رحمة الله سبحانه، ويتعلم منه أنه لا ييئس من رحمة الله ولا من فضله سبحانه، وأنه إذا وقع في الذنوب فليسرع بالمبادرة إلى التوبة إلى الله عز وجل، فإنه يتوب على من تاب سبحانه.
وإن الإنسان لا يستكثر ذنوبه، فرحمة الله أكثر وأعظم قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156].
فالعبد يرجو رحمة الله ولا يخاف من عقوبته، ومن أخذه فإنه عزيز ذو انتقام سبحانه تبارك وتعالى، فالخوف من الله لا يدفعه إلى اليأس، والرجاء في رحمة الله لا يمنعه من العمل، ولكن يعمل بالاثنين، ففي الخوف يخاف من الله ويرجو رحمته، فإذا أذنب بادر إلى التوبة إلى الله سبحانه، فالخوف من الله لا يدفعه إلى اليأس، والرجاء في رحمة الله لا يمنعه من العمل، فإن الله شديد العقاب، وإن الله غفور رحيم قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ} [الحجر:49 - 50].
فالإنسان يطمع في رحمة الله، ولا يؤدي به هذا الطمع إلى أن يفرق في طاعة رب العالمين سبحانه، راجياً الرحمة، وناسياً العقوبة.