قال: (ورجل قلبه معلق بالمساجد).
والمساجد بيوت الله سبحانه وتعالى، والذي تعلق قلبه بالمساجد أحب الصلاة وأحب الله عز وجل.
والمسجد ليس كالنادي يذهب إليه الإنسان من أجل أن يقابل الإخوة ويتكلم معهم، بل يحب المسجد لأنه بيت الله، ويحافظ عليه ويحترمه ويوقره ولا يؤذي أحداً فيه، ويقرأ فيه كتاب الله عز وجل ويستمع فيه لدرس العلم، ويصلي الصلاة المفروضة، ويخرج من بيت الله إلى بيته وفي قلبه حنين متى يرجع إلى بيت الله سبحانه وتعالى.
فالرجل الذي قلبه معلق بالمساجد من حبه لبيوت الله سبحانه وتعالى قلبه معلق بها إذا خرج منها حتى يعود، وفي رواية: (إذا خرج من بيت الله حتى يرجع إليه)، فيصلى صلاة الظهر ويرجع إلى بيته وإلى عمله وقلبه مشتاق متى يأتي وقت العصر من أجل أن أذهب وأصلي في بيت الله سبحانه وتعالى.
علم الأجر والفضل فهو مستحضر لذلك، ولذلك جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الكفارات، قال: (وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات).
فهذه كفارات يكفر الله عز وجل بها خطايا الإنسان: منها: أن تسبغ الوضوء في وقت ما تكره ذلك، كأن يكون الماء شديد البرودة في الشتاء، ومع ذلك تتوضأ فتحسن الوضوء؛ فإن الله يكفر عنك خطاياك.
وانتظار الصلاة بعد الصلاة في بيت الله سبحانه، ما لم تضيع عملاً واجباً عليك أن تؤديه لتطعم عيالك وتنفق على قرابتك مثلاً.
وكذلك: نقل الأقدام إلى الجماعات، وأنت ذاهب إلى بيت الله لصلاة الجماعة، فكل خطوة ترفعك درجة والأخرى تحط عنك سيئة فتحتسب هذا كله عند الله عز وجل.
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الخطايا تتناثر وتتساقط أثناء الوضوء؛ إذاً: الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما، والوضوء يزيل عنك الخطايا، تغسل يديك فتنزل الخطايا مع آخر قطر الماء، وتغسل وجهك فتنزل الخطايا إن وجدت مع آخر قطر الماء، وتغسل رجليك فتتساقط الخطايا.
فإذا ذهبت إلى الصلاة فكل خطوة تخطوها تمحو عنك خطيئة والأخرى ترفعك درجة، فإذا جئت بيت الله ووقفت تصلي مع الناس في جماعة يجعل الله سبحانه كل الذنوب الباقية عليك فوق رأسك وفوق منكبيك.
فإذا كبرت تساقطت، وإذا ركعت تساقطت، وإذا سجدت تساقطت، وإذا انتهيت من الصلاة وقرأت آية الكرسي كنت مستحقاً للجنة لقراءتك هذه الآية.
فمن الذي يسمع مثل هذا الثواب العظيم ثم لا يبقى قلبه معلقاً ببيت الله تعالى؟ وهذا الأجر تناله في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة يظلك الله في ظله يوم لا ظله إلا ظله.
ويوم القيامة بعض الخلق يدعون ربهم ويقولون: يا رب اصرفنا ولو إلى النار، لأنهم وجدوا أن هذا اليوم شديد حتى ظنوا أن النار أهون من الموقف بين يدي الله عز وجل.
قوله: ورجل قلبه معلق بالمساجد أي: يحب بيت الله، والفريضة في المساجد على الرجال، والمرأة صلاتها في بيتها خير لها من صلاتها في بيت الله عز وجل.