في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا).
الذهب ذهب مهما مرت عليه السنون، ومهما تغير بالطين والتراب فإنك إذا أخرجته وغسلته ونقيته عاد ذهباً مرة أخرى، والفضة مثل ذلك وباقي المعادن تصدأ، لكن الذهب والفضة لها ميزة عن غيرها من المعادن، والناس كذلك معادن، منها ما فيها شوائب، ومنها ما هو ذهب وفضة، فخيارهم في الجاهلية، أي: الذي كان في الجاهلية فيه رجولة، وفيه شهامة وفيه حسن خلق، فإنه حين يسلم يزيده الإسلام من ذلك، فخياركم في الجاهلية هم خياركم في الإسلام إذا تعلموا هذا الدين وإذا تفقهوا.
لذلك الإنسان يشرف بهذا الدين العظيم ويزداد خيراً بأن يتعلم الفقه في الدين وأن يعمل بما يتعلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: (والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).
الأرواح جنود، مثلما الأبدان جنود، تجد الإنسان يحب إنساناً آخر بمجرد أن ينظر إليه، ويشعر أنه يعرفه من قبل، والأرواح من جنود الله عز وجل، يعارفها على بعضها بما شاء سبحانه وتعالى، فما عرفه الله عز وجل على غيره في وقت يعلمه الله عز وجل تجده يحبه ويميل إليه.
وهذا الحديث جاء من حديث عائشة رضي الله عنها في مسند أبي يعلى، وفيه قصة، وهي أن امرأة كانت بمكة تحب المزح، فلما هاجرت إلى المدينة نزلت على امرأة مثلها، تحب الضحك، فبلغ عائشة رضي الله عنها أن فلانة التي تحب المزح نزلت على فلانة التي مثلها، فقالت: صدق حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)، فكأن الإنسان ينزل على الشبيه له، والتآلف والمحبة التي تكون بين القلوب تكون في الأرواح قبل ذلك، فالمرء مرآة قرينه، والمرء ينزل على شكيله ومن كان مثله.
لذلك حاول أن تتعرف على الصالحين وتحبهم ولا تنظر إلى الغنى والفقر، ولا تنظر إلى المراكز وإلى العلو، ولا تنظر إلى القوة والضعف، ولكن انظر إلى الصلاح تنتفع وتنفع صاحبك.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده الصالحين، وأن يمن علينا برفقة الصالحين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.