وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ دعوتهم بالتوحيد، أي: يدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هم أطاعوا لذلك تأتي الخطوة الثانية، قال: (فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة).
أي: لابد أن تتدرج معهم، فلا تأتي بكل شيء مرة واحدة حتى يمل الذي يسمع منك، ولكن ابدأ مع هؤلاء بالتوحيد، وعلمهم أن معنى الإسلام: الاستسلام لله سبحانه، ثم تنتقل معهم إلى الشرائع فتبدأ بالصلاة التي هي ركن الإسلام العظيم وتعلمهم الصلاة، (فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم).
فإذا أخذت منهم صدقة فأعلمهم أنك تردها على فقرائهم، فقد كان من عادة العرب إذا أخذوا شيئاً أن يأخذوه لأنفسهم ولا يعطوه لغيرهم.
فلابد أن تعلمهم أن الإسلام دين الحق والعدل العظيم من الله سبحانه، نأخذ صدقات من الأغنياء ونردها على الفقراء فيما بينكم، نأخذها منكم ونردها إليكم، ولذلك لما كان في عهد عمر رضي الله عنه وبعث معاذاً والياً، فرجع إليه وليس معه شيء من المال، فقال: أين المال؟ قال: أخذناه من حيث كنا نأخذه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ووضعناه حيث كنا نضعه.
فهناك فقراء، فأخذنا الزكاة من الأغنياء وأعطيناها للفقراء، فهذا هو دين العدل، نأخذ زكاة المال من أغنياء البلد ونردها على فقراء البلد نفسه، فإن زادت عن حاجتهم نأخذها إلى البلد الأخرى.