قوله: (واليمين الغموس) وهي أن يحلف المرء على الشيء وهو يعلم أنه كاذب، وقد تقدم أن الأيمان ثلاثة أنواع: الأولى: يمين لغو، وليس فيها كفارة ولا يلزم صاحبها إلا الاستغفار؛ لأنه تلفظ بها وهو لا يقصدها، كأن يستضيف إنسان آخر فيقول: والله لتأكلي معنا، والله لتشربن معنا.
اليمين الثانية: اليمين المنعقدة، وهي أن يحلف المرء أن يفعل شيئاً أو لا يفعله في المستقبل، كأن يقول: والله سأعمل كذا، أو والله ما أنا بعامل كذا، فيحلف على شيء في المستقبل وهو عازم أن يعمل أو لا يعمل.
فواجبه إن حنث أن يكفر عنها كفارة يمين.
وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من حلف على يمين فوجد غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه).
وقال سبحانه: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة:224]، أي: لا تجعل يمينك بالله معرضة أمام فعل الخير فتمنعك من فعل الخير.
اليمين الثالثة: اليمين الغموس؛ مأخوذة من الغمس؛ لأن صاحبها يغمس في نار جهنم والعياذ بالله، ويحلف بهذه اليمين ليقتطع حق امرئ مسلم وهو كاذب ويعلم أنه كاذب، فيقول: والله ما فعلت كذا وقد فعله، ويقسم: والله ما أخذت كذا وقد أخذه.
وذنبها أعظم من أن يكفره إطعام عشرة مساكين، أو صوم ثلاثة أيام، وقول من قال ذلك إنما هو لقصد التخفيف وأمرها إلى الله عز وجل، ويلزم من فعلها أن يتوب إلى الله عز وجل لعله يغفر له سبحانه تبارك وتعالى، ويستشعر عظم الذنب الذي ارتكبه.