وجاء في حديث رواه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فاصبر)، فأوصاه بالصبر لكي يستحي منه جاره فلا يؤذيه.
ثم شكاه مرة ثانية فقال له: (اذهب فاصبر)، ثم مرة ثالثة فقال له: (اذهب فاطرح متاعك في الطريق).
هنا تأديب ذكي من النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الجار السيئ الذي يؤذي جاره، فهذا منظر غريب أن رجلاً يضع متاع منزله في الشارع، فيسأله الناس عن سبب ذلك، فيخبرهم أن جاره يؤذيه فيدعو الناس عليه، فلما بلغ الخبر إلى الجار المؤذي أن الناس يلعنونه وستستجاب دعوتهم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر جاره بذلك، فذهب إليه وقال له: ارجع ولا ترى مني شيئاً تكرهه.
فهذا تأديب من النبي صلى الله عليه وسلم لمثل هذا الجار، وأيضاً تعليمه للجار الآخر بالصبر فإنَّ جزاءه الحسنى.
وجاء في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن شر الناس من اتقاه الناس مخافة شره).
الإنسان الشرير فرح بنفسه ويحس أن أحداً لا يجرؤ أن ينظر إليه فهذا من شر الناس، وخير الناس من أحبه الناس، وكان مؤمناً لطيفاً يؤلف ويأتلف، حسن المعاشرة مع أهله ومع جيرانه.
وشر الناس من اتقاه الناس مخافة شره، فلا يريد أحد أن يقابله.