ورد في حديث آخر لـ عمر بن أبي سلمة ابن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وربيبه، وكان في حجره وهو صبي صغير، يقول: (كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام! سم الله تعالى -أي: قل باسم الله- وكل بيمينك وكل مما يليك).
ينبغي تعليم الصبي آداب الأكل بحيث لا يأكل بشماله ولا يبطش بيده في الطعام من كل جهة وإنما يأكل من أمامه، حتى إذا كان مع الناس لا يمد يده قبل غيره، وإنما يسمي الله سبحانه وتعالى، ولا ينتقي أحسن المأكولات ويأكلها ويترك غيرها.
إذاً: لا بد من التعليم، يعلم الطفل كيف يأكل، بحيث يقول قبل أن يمد يده: باسم الله، ولا يأكل إلا من مما يليه، كذلك يعلمون كيف يدخلون المساجد، حتى لا يحدثوا فوضى فيها، فالطفل إذا لم يعلم ويؤدب فقد يقل أدبه على الكبار، وإذا كبر صار قليل أدب.
عندما تجد طفلاً صغيراً في الجامع يقل أدبه أو يجري أمام المصلين فخذه وعلمه الأدب ولا تقس عليه، ولكن علمه الأدب، ولا تسكت على المنكر وأنت تراه، وبعض الإخوة إذا أنكرت على عياله يقول: وأنت ما شأنك، لقد كان الحسن والحسين يركبان على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم! نقول: أولاً: ابنك ليس الحسن ولا الحسين، ثانياً: النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحسن أن يرمي تمرة الصدقة من فمه، والنبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ذات مرة وأمامة بنت بنته صلى الله عليه وسلم فوقه، من أجل ألا تؤذي الناس بأن تجري بين الصفوف، أو تبكي، فكان صلى الله عليه وسلم إذا قام رفعها وإذا نزل وركع أو سجد وضعها، فهو صلى الله عليه وسلم أمسكها حتى لا تؤذي أحداً من الناس.
فلا آتي أنا بابني من أجل أن يتدلع في المسجد، فإذا قام إنسان وأمره أو نهاه غضبت، لا؛ لأن ابنك الذي يؤذي إنساناً في المسجد عليك إثمه؛ لأنك لا أمرته بمعروف ولا نهيته عن منكر، بل منعت غيرك من أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
فإذاً: من أراد أن يأتي بولده المسجد فلا يأتي به إلا وهو في السن الذي يعقل فيه الصلاة، بأن يكون عمره سبع سنوات، وتعلمه أدب المسجد، ويكون مكانه خلف الصفوف لا أن تجعله يجري أمام الناس، ولا يكون في الصفوف الأولى؛ لأنهم بعد أن يدخل الإمام في الصلاة يخرجون من الصفوف، فتحدث فرجات بين الصفوف، فمن يتحمل هذا الشيء؟ نقول: إن قطع الصفوف لا يجوز وإثم ذلك على والد هذا الطفل الذي ترك فرجة في الصف.
فاتقوا الله سبحانه وتعالى في أنفسكم وفي بيت الله! كذلك الذين يأتون بأطفالهم في صلاة التراويح، فتجد الواحد يأتي بابنه ويعطي له (آيسكريم) في يديه، فهو يأكل ويبعثر في المسجد، أنت بهذا الشيء ما الذي يؤمنك أن أحداً يدعو عليك وعلى ابنك فتصاب بشؤم عمل ابنك في هذا المسجد.
اتقوا الله! إنما بنيت المساجد لما بنيت له، تعلم ابنك الأدب حين تأتي به إلى بيت الله سبحانه وتعالى، كذلك النساء تجد الواحدة منهن تأتي بمجموعة من عيالها، الناس يصلون وهي لا تصلي، وإنما جاءت لتسمع الدرس؛ لأنها حائض وعيالها حولها يؤذون النساء وقت الصلاة.
الذي يأتي من أجل أن يسمع الدرس، أو يأتي من أجل صلاة الجماعة عليه أن يحترم المسجد ولا يأتي ليزعج أحداً بعياله، وإذا كان العيال يزعجون الناس فاتركهم في البيت.