قال الله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255] كرسي الله سبحانه نؤمن به، وعرش الله عز وجل نؤمن به، ونحن نرى ما نراه من الأرض، ونرى ما نراه من السماء، والعلماء يقولون: السماء واسعة جداً، والأفلاك والكواكب والأقمار هي أشياء عظيمة جداً وبعيدة المسافات؛ ولذلك يقيسون ما بينها بالسنة الضوئية، أي: المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة، والضوء يقطع في الثانية الواحدة مائة ألف كيلو متر، فإذا حسبتها بالسنة الضوئية تكون مثلاً تسعة ترليون كيلو متر، وهم يقولون: المسافة بين الشيء الفلاني والشيء الفلاني أربع سنوات ضوئية، أي: أن نجماً لا يصل إليه ضوء النجم الآخر إلا بعد أربع سنوات، وكل هذه النجوم من ضمن المجرة التي نحن فيها، ويقولون: يوجد مائتا مليار نجم في المجرة التي نحن فيها، ويقولون: نحن نعلم بوجود حوالى مائتي مليار مجرة.
ويقولون: هذا الموضع الذي نظرنا فيه الآن النجم هو يبتعد من موضعه، قال الله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47].
فإذا كانت السماء الدنيا لسنا عارفين أين آخرها، وأين آخر هذه النجوم والكواكب، فكيف بالسماء الثانية، والثالثة، والرابعة؟! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة في فلاة).
وجاء عن ابن عباس قال: (الكرسي موضع القدمين)، والله أعلم، وإذا قوم الكرسي بعرش الله سبحانه وتعالى فهو بالنسبة إليه كحلقة في فلاة، فكم يكون قدر هذا العرش؟! والله مستغن عن العرش وما دونه سبحانه وتعالى، وهو مستو على العرش، فالله سبحانه وتعالى فوقه هو العلي الكبير سبحانه، وإذا أردت أن تعرف أن الله هو الكبير فانظر إلى الشيء الكبير في هذا الكون، فأنت لا تقدر أن تحيط به علماً، فكيف بمن خلقه وهو الله سبحانه وتعالى؟! فالله هو العلي الكبير سبحانه، وهو العلي العظيم أحاط بكل شيء علماً.