روى مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟) وقد عرفنا أن أعظم سورة هي سورة الفاتحة، فأي آية من القرآن أعظم؟ سئل عن هذا أبي بن كعب، وهو سيد القراء رضي الله تبارك وتعالى عنه، فقد كان عمر يلقبه بسيد القراء، وقد حفظ القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم في ذات مرة نسي آية وهو يصلي، وبعد الصلاة قال: (أفيكم أبي؟ قال: نعم.
قال: ما منعك أن تفتح علي؟ قال: ظننتها نسخت يا رسول الله)، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين فضله رضي الله تبارك وتعالى عنه حين قال له: (ما منعك أن تفتح علي؟! وقال له هنا: (يا أبا المنذر) وهذا فيه تكريم لـ أبي بن كعب حيث يكنيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال: يا أبي! لكان شرفاً له أن يناديه النبي صلى الله عليه وسلم باسمه، ولكنه قال: (يا أبا المنذر!).
قال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟) يعني: أي آية من الآيات التي تحفظها أعظم، والنبي صلى الله عليه وسلم ينطق بالوحي، ولا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه، فقال أبي بن كعب: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) قال: فضرب في صدري) أي مؤكداً له أنه أصاب في الجواب وقال: (ليهنك العلم أبا المنذر!) أصلها: يهنيك العلم، واللام هنا لام الأمر أي: تتهنأ بهذا العلم الذي عندك بفضل الله عز وجل عليك.
إذاً: آية الكرسي آية عظيمة جداً، ولولا أن لها قدراً عظيماً في القرآن الكريم لما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقرأها بعد كل صلاة فريضة، فتقرؤها كل يوم خمس مرات على الأقل استحباباً بعد كل صلاة فريضة.