جاء عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه أنه كان يصلي في المسجد، فناداه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد، فأسرع في صلاته وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يعلم أن معنى قول الله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238] أنه لا يقطع صلاته حتى ينتهي منها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منعك أن تجيبني؟ قال: كنت في صلاة)، وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم كغيره، ولم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم له حكم آخر في صلاة النافلة، وهو وجوب إجابة النبي صلى الله عليه وسلم وقطع صلاة النافلة؛ لأن الصلاة نافلة، وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة، فإذا تعارضا فيجب عليه إجابة النبي صلى الله عليه وسلم، والخروج من النافلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ألم يقل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24]).
أي: أليس الله قال هكذا؟ ثم علمه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أراد أن يعلمه ما يحيا به، وما يملأ قلبه نوراً، فقال له صلى الله عليه وسلم: (ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ قال: فأخذ بيدي فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله! إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).
إذاً: فأعظم سورة في كتاب الله -وكل القرآن عظيم- هي سورة الفاتحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم هنا: (هي السبع المثاني)، أي: تثنى وتكرر الفاتحة في كل صلاة، وفي كل ركعة تُقرأ، وهذا معنى تثنيتها، أي: تكررها، ففي كل صلاة فريضة أو نافلة تقرأ فاتحة الكتاب، فقال: (هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) صلوات الله وسلامه عليه.
وفي هذا الحديث: أن المؤمن يحرص على هذه السورة العظيمة، فيقرؤها في الصلاة وفي غير الصلاة.