أحب الإنسان أن يتقدم على غيره في الخير، فها ليس من الحسد في شيء الحسد أن يكره الخير لغيره.

واعلم أن للحسد علامات: منها أن الحاسد يحب دائماً أن يخفي فضائل غيره، فإذا كان إنسان ذا مال، ينفق ماله في الخير من صدقات وبناء مساجد، وإصلاح طرق، وشراء كتب يوقفها على طلبة العلم وغير ذلك فتجد هذا الرجل الحسود إذا تحدث الناس على هذا المحسن يسكت وكأنه لم يسمع شيئاً، هذا لا شك إن عنده حسداً؛ لأن الذي يحب الخير يحب نشر الخير للغير، فإذا رأيت الرجل إذا تكلم عن أهل الخير بإنصاف وأثنى عليهم وقال: هذا فيه خيرٌ وهذا محسن، هذا كريم، فهذا يدل على طيب قلبه وسلامته من الحسد. نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الحسد، ومن منكرات الأخلاق والأعمال.

أما قوله: " ولا تناجشوا" فالنجش هو أن يزيد في السلعة على أخيه وهو لا يريد شراءها، وإنما يريد أن يضرّ المشتري، أو ينفع البائع، أو الأمرين جميعأً.

مثال ذلك: عرضت سلعة في السوق فصار الناس يتزايدون فيها، فقام رجل فجعل يزيد فيها وهو لا يريد الشراء، تسام بمائة فقال بمائة وعشرة وهو لا يريد أن يشترى، ولكنه يريد أن يزيد الثمن على المشترى، أو يريد أن ينفع البائع فيزيد الثمن له أو الأمرين جميعاً، فهذا حرامٌ ولا يجوز لما فيه من العدوان. أما إذا زاد الإنسان في الثمن عن رغبة في السلعة، ولكن لما ارتفعت قيمتها تركها فهذا لا بأس به، فإن كثيراً من الناس يزيد في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015