الذي يحسد الناس، لأن العائن نفسه شريرة حاسدة حاقدة، فإذا رأى ما يعجبه انطلق من هذه النفس الخبيثة مثل السهم حتى يصيب بالعين، فالإنسان إذا حسد وصار فيه نوع من الحسد، فإنه يترقى به الأمر حتى يكون من أهل العيون الذين يؤذون الناس بأينهم، ولا شك أن العائن عليه من الوبال والنقمة بقدر ما ضرّ العباد. إن ضرهم بأموالهم فعليه من ذلك إثم أو بأبدانهم أو بمجتمعهم، ولهذا ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى تضمين العائن كل ما أتلف، يعني إذا عان أحداً وأتلف شيئاً من ماله أو أولاده أو غيرهم، فإنه يضمن، كما أنهم قالوا: إن من اشتهر بذلك، فإنه يجب أن يُحبس إلا أن يتوب، يحبس أتقاء شره، لأنه يؤذى الناس ويضرهم فيحبس كفاً لشره.

ومن مفاسد الحسد: انه يؤدي إلى تفرق المسلمين؛ لأن الحاسد مكروه عند الناس مبغض، والإنسان الطيب القلب الذي يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، تجده محبوباً من الناس، الكل يحبه، ولهذا دائماً نقول: والله فلان هذا طيب ما في قلبه حسد، وفلان رجلٌ خبيثٌ حسود وحقود وما أشبه ذلك.

فهذه عشر مفاسد كلها في الحسد، وبهذا نعرف حكمة النبي صلى الله عليه وسل حيث قال: " لا تحاسدوا" أي لا يحسد بعضكم بعضاً، فإن قال قائل: ربما يجد الإنسان في نفسه إنه يحب أن يتقدم على غيره في الخير، فهل هذا من الحسد؟ فالجواب: أن ذلك ليس من الحسد؛ بل هذا من التنافس في الخيرات، قال الله تعالى: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) (الصافات: 61) فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015