ذكر المصنف أن من ترك العمل بحديث من الفقهاء، فإن جماع العذر في هذا الترك أنهم لا يقصدون ذلك عمداً، وذكر أن جماع العذر في هذا يعود إلى ثلاثة أسباب.
ثم يذكر المصنف في رسالته هذه الأسباب الثلاثة ثم يعود بعد ذلك إلى تفصيلها إلى عشرة أسباب.
قال المصنف رحمه الله: [وجميع الأعذار ثلاثة أصناف:
أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
والثاني: عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول.
والثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ].
وهذه الأسباب الثلاثة التي جعلها المصنف جِمَاع الأسباب، هي متعلقة بجهة الدليل العلمي، وبخاصة فيما يتعلق بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا لما فسر هذه الأسباب الثلاثة بعشرة أسباب بعد ذلك دار كلامه رحمه الله على هذا.
ومن المعلوم أن هذا وجه من أسباب اختلاف العلماء والفقهاء، لكن إذا أُخذت مسألة الخلاف الفقهي والذي كانت بدايته لا أقول في زمن الصحابة، بل في زمن النبوة، وإن كان من المسلَّم به عند المسلمين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاصم وقوله قاطع، ومع ذلك قد اختلف الصحابة رضي الله تعالى عنهم في زمنه لكن ليس بحضرته، ومن الأمثلة على ذلك: اختلافهم في تفسير حديثه لما قال في حديث ابن عمر في الصحيح: (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة) فإن الصحابة اختلفوا في المراد بهذا الحديث، ومنها: اختلافهم في معنى قوله عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عباس المتفق عليه حين ذكر الأمم، ثم ذكر أمته فقال (ومنهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب) قال ابن عباس: ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحديث.