قال المصنف رحمه الله: [السبب التاسع: اعتقاده أن الحديث معارض بما يدل على ضعفه، أو نسخه، أو تأوليه إن كان قابلاً للتأويل بما يصلح أن يكون معارضاً بالاتفاق، مثل آية، أو حديث آخر، أو مثل إجماع.
].
والفرق بين هذا السبب وبين الذي قبله: أن الذي قبله تعلقت المعارضة بالدلالة لأصل ما، وأما هذا السبب فهو أن يكون في السياق أكثر من حديث، أو أكثر من أثر، فمثلاً: هل حديث أبي سعيد مقابل في رفع الحكم لحديث القلتين، أم أنه تحت تكييف من أوجه الدلالة؟ بمعنى: هل أحدهما مثبت والآخر نافٍ على التصريح؟
الجواب: لا، بل جعلوا هذه الدلالة مقابلة لهذه الدلالة تحت تكييف فقهي، لكن إذا نظرنا إلى التعارض بين الإثبات والنفي ونحو ذلك فهذا من أمثلته: ما يتعلق بنقض الوضوء بمس الذكر، ففي حديث بسرة بنت صفوان قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مس ذكره فليتوضأ)، وفي حديث طلق بن علي -وكلاهما في السنن والمسند-: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة فقال: (إنما هو بضعة منك)، فهذا التقابل ليس تقابل تكييف في الدلالات كما هو في حديث القلتين وحديث أبي سعيد، ومن هنا نجد أن من أهل العلم من يقدم أحدهما على الآخر؛ إما لكونه أقوى ثبوتاً عنده، أو لكونه مبقياً على الأصل، أو لكونه جرى عليه عمل جملة من الصحابة، أو لغير ذلك من الأسباب، ولهذا نجد أن بعض الفقهاء عمل بهذا وبعضهم عمل بذاك، ومنهم من قال: إن أحدهما ناسخ للآخر ..
ومنهم من قال غير ذلك.