ولهذا فإن الصوفية صوروا الإسلام بصورة بعيدة كل البعد عن جيل الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته, فتجد أن الصوفية يطبلون، ويرقصون، ويصيحون، ويسقطون على وجوههم, فهل كان الصحابة يعملون هذا العمل؟! وهل عند الصوفية دليل على أن الصحابة كانوا يعملون هذا العمل؟! وما الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يترك هذا العمل؟! لو كان هذا العمل فيه خير لجمع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين قاتلوا في بدر، وأعطى كل واحد منهم طبلاً وعوداً، وبدءوا يغنون ويرقصون ويزمرون ويلعبون، والرسول صلى الله عليه وسلم سيكون أول من يفعل ذلك منهم.
ثم ذاك يقول: جاءني الوجد، وذاك يقول: جاءني الكشف! هل كان الصحابة رضوان الله عليهم عندما يقاتلون الروم يأتون إلى القبور ويتبركون بها؟! وهل كانت مقبرة البقيع في زمن عمر بن الخطاب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بفترة هل كانت مثل المقابر التي هي في غالب العالم الإسلامي اليوم؟! تأتي فتنظر إلى مقبرة فتظن أنها حي من الأحياء السكنية لكثرة القباب والبيوت الموجودة فيها، ولا تتصور أبداً أن هذه مقبرة، فإذا لم يقل لك أحد من أهل البلاد: هذه مقبرة فإنك تظن أنها حي سكني، وأن الناس يسكنون فيها.
بل في بعض المقابر أناس يعيشون فيها، ويقولون: نسكن هنا لتأتينا نفحات الصالحين والأولياء الذين في هذه المقابر.
وما كان هذا عمل الصحابة رضوان الله عليهم.
فهل سكن أحد من الصحابة في البقيع؟! وهل بنوا عليها بنياناً؟ ما ظهرت هذه الأمور إلا بعد أن ظهرت البدع والخرافات في أزمان متأخرة، فالصوفية غيروا معالم الإسلام العامة.