ويترتب على هذا اختلاف وتناقض قوي جداً بين أهل السنة عموماً وبين أهل الكلام في زمانهم، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب يقول: إن الطواف حول القبور شرك، حتى وإن كان الإنسان يعرف أن الله هو الخالق الرازق، والذبح لغير الله -كالذبح للقبور- شرك، حتى وإن كان الإنسان يعرف أن الله هو الخالق الرزاق، وكذلك الخضوع بين يدي غير الله تعالى، فهذا كله من الشرك، وكذلك الاستغاثة بغير الله، ودعاء غير الله سبحانه وتعالى، فذلك عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعند أهل السنة والجماعة من الشرك، حتى ولو كان فاعله يعرف أن الله هو الخالق.
أما أهل الكلام فيقولون: إذا كان يعتقد أن الله هو الخالق الرزاق فليس بمشرك، حتى لو طاف حول القبر، وذبح لغير الله، واستغاث بغير الله، فما دام يعتقد أن الله هو الخالق الرازق، فهذا يكفي.
وقد كان المشركون يعتقدون أن الله هو الخالق الرزاق، كما قال الله عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:25] والله عز وجل يقول: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:22]، قال المفسرون: يعني: تعلمون أن الله هو الخالق الرازق.
ولهذا فإن المشركين جميعاً يعرفون الله ويعظمونه، ويعظمون البيت الحرام، ويعظمون المشاعر، ويعظمون الأنبياء، ويعظمون الملائكة، ويعرفون أن الله هو الخالق الرازق، لكن يجعلون مع الله آلهة أخرى في أفعال الخلق، وفي أفعال الجوارح.