أما العلمانية فإن أول درس قد أشرنا فيه إلى أنها أخطر اتجاه وتيار يهدد مسيرة هذه الأمة.
فهم لا يرفضون الدين جملة، ولا يطعنون فيه مباشرة، وإنما يحصرون الدين في جزء يسير من الحياة، ويتركون بقية الحياة لأهوائهم وأفكارهم وآرائهم وفلسفاتهم، وهم في كثير من الأحيان يستعيرون آراءً وأفكاراً ومذاهب وفلسفات من جهات أخرى.
فهؤلاء العلمانيون خطر على مسيرة الأمة؛ لأن العلمانية حصرت الدين الذي أنزله الله عز وجل من السماء ليكون حاكماً للناس في واقع الأرض، حصرته في مكان ضيق ومحدد، وهي لا ترفضه، بل إنها قد تعتز به، وقد تثني عليه، وقد تفرح به وبرجالاته، لكنها لا تفهم الفهم السليم الصحيح الذي أراد الله عز وجل أن يكون واقعاً في الأرض.
ومن هنا كان لا بد من أن نعرف تعريف العلمانية للعبادة، وأن نبين الخطأ والآثار المترتبة على هذا التعريف.
يعرف العلمانيون العبادة بأنها: الشعائر التعبدية التي تكون في حدود المسجد.
وهم إذا تكلموا عن العبادة وفرحوا بها فإنما يقصدون الشعائر التعبدية فقط، مثل الصلاة والصيام والحج والزكاة ونحو ذلك، ولهذا لا يرون ضيراً على كل إنسان علماني أن يتبنى مذهباً فكرياً غربياً وفي نفس الوقت يكون مسلماً، ويكون عابداً لله؛ لأن العبادة التي تصوروها، والتي يريدون أن يفوا بها هي هذه العبادة التي هي الشعائر التعبدية في حدود المسجد فقط.