ما هي العلاقة بين العبادة والإيمان؟ الإيمان يعرفه أهل السنة بأنه قول وعمل، والمراد بالقول قول القلب وقول اللسان، وقول القلب هو تصديقه، وقول اللسان هو النطق بالشهادتين، والذكر، وقراءة القرآن، والدعوة إلى الله، ونحو ذلك.
وأما العمل فيشمل عمل القلب وعمل الجوارح، فما هو عمل القلب؟ إن عمل القلب هو الخشية، والخوف، والإنابة، والرجاء، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من أنواع العبادات القلبية.
وأما عمل الجوارح فهي الأعمال التي يباشرها الإنسان بجوارحه، مثل الجهاد في سبيل الله، والحج، والدعوة، والصلاة والزكاة والصيام ونحو ذلك، فهذه أعمال بالجوارح.
فهذا هو تعريف الإيمان عند السلف الصالح رضوان الله عليهم، وإذا قارنا بين العبادة وبين الإيمان نجد أن العبادة هي الإيمان تماماً، فالعبادة هي حقيقة الإيمان، فإن العبادة -كما سبق- معناها الذل والخضوع والمحبة لله تعالى، والذل والخضوع والمحبة لله تعالى هي أعمال القلب في تعريف الإيمان.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
فإذا قارنت بين العبادة والإيمان تجد أن العبادة هي نفسها عمل القلب في الإيمان، فعمل القلب: الخوف، والرجاء، والإنابة، والتوكل، والمحبة، ونحو ذلك، فهذه هي عبادات، وهي في نفس الوقت إيمان.
وكذلك أعمال الجوارح، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، وكذلك قول اللسان كصدق الحديث، فهذه كلها عبادات، وهي في نفس الوقت إيمان، وهذا الإيمان إما متعلق باللسان، وإما متعلق بالجوارح، وإما متعلق بالقلب.
ومن هنا نلحظ العلاقة القوية بين العبادة من جهة، وبين الإيمان من جهة أخرى، فإذا تصورنا إنساناً لا يعبد الله عز وجل، فهل يكون مؤمناً؟ إنه لا يكون مؤمناً أبداً؛ لأن العبادة والإيمان بمعنى واحد.