يقول: "وهذه الأحاديث" يعني التي في السنن "ليس منها في كتاب ابن المبارك ولا في كتاب وكيع إلا الشيء اليسير، وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل" ليس مما في السنن في كتاب ابن المبارك، ولا في كتاب وكيع إلا الشيء اليسير، يعني في مصنفات ابن المبارك الشاملة للزهد وغيره؛ لأن ابن المبارك اشتهر له وطبع له كتاب الزهد، وأيضاً وكيع له كتاب الزهد، فإن نظرنا إلى كتابي الزهد لهذين الإمامين ليس فيهما من سنن أبي داود إلا الشيء اليسير بالنسبة إلى سنن أبي داود إلا الشيء اليسير، والكلام صحيح، لكن مجموع مؤلفات الإمامين فيهما أحاديث كثيرة، وإن كانت نظرة الإمام أبي داود -رحمه الله- إلى العموم فيما يظهر هو الظاهر؛ لأنه لا يمكن أن يقارن كتاب في الأحكام أربعة آلاف وثمانمائة حديث في الأحكام ليس منها في الزهد إلا الشيء اليسير أن يقارن كتاب متخصص في الزهد، بل لو عكست القضية لكان أولى، ليس في كتاب أبي داود من كتاب ابن المبارك أو وكيع إلا الشيء اليسير، إذا قارنا بما يتفقان فيه وهو الزهد، أما إن نظرنا إلى العموم وهو ما يرويه وكيع، وما يرويه ابن المبارك فكتاب أبي داود أعظم مما يروونه -رحمة الله على الجميع-.
"وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل" عامة ما يروونه في كتبهم مراسيل؛ لأنهم في الزمن الذي تقبل فيه المراسيل قبل وجود الإمام الشافعي الذي اشترط لقبول المراسيل شروط، وللإمام أبي داود كتاب خاص في المراسيل، ومطبوع ومتداول مراراً، مطبوع مراراً، ومتناول بين طلاب العلم.
"وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس" يعني في قسم الأحكام منه من الموطأ، في قسم الأحكام، يعني غير قسم الفضائل وغير قسم المغازي وغير قسم الجامع، وغيره من الكتب كتب الموطأ وأبوابه التي لا علاقة لها بالأحكام.
"وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح" يعني هو يقارن كتابه بكتاب مالك فيما يتفقان فيه وهو السنن والأحكام، ولعله يقارن بين كتابه وكتاب وكيع وابن المبارك فيما يتفقان فيه وهو الزهد، أو على جهة العموم كما ذكرنا.
"وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح" يعني قدر كافي ومفيد لطالب العلم، لكنه لا يقتصر عليه، شيء صالح.