وأبو داود -رحمه الله- يقول: "وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري" ووفاته سنة مائة وواحد وستين "ومالك بن أنس" ووفاته مائة وتسع وسبعين قبل الشافعي "والأوزاعي" ووفاته سنة سبع وخمسين ومائة "حتى جاء الشافعي" المتوفى سنة أربع ومائتين "فتكلم فيها، واشترط لقبولها شروط -ذكرناها- وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل" والإمام أحمد -رحمه الله- تختلف الرواية عنه في القبول والرد، وعلى كل حال هو يصنف المراسيل من قبيل الضعيف، فإذا قبل الضعيف في بعض المواضع فيصح أن يقال: إنه يقبل المراسيل في هذه المواضع، والمعروف عن الإمام أحمد أنه لا يقبل الضعيف في الأحكام؛ لأنه إذا روى في الأحكام شدد، وإذا روى في الفضائل تساهل، يقبل الضعيف في الفضائل دون الأحكام، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يرى أن الضعيف المذكور في كلام الإمام أحمد؛ لأن شيخ الإسلام لا يرى العمل بالضعيف مطلقاً، ويريد أن يكون كلامه غير مخالف لكلام الإمام أحمد، يقول: إن مراد الإمام أحمد بالضعيف هنا ما قصر عن الصحيح وهو الحسن في عرف المتأخرين، ويقول: إن الحسن لا يعرف قبل الترمذي، فالإمام أحمد يريد بالضعيف هذا الحسن الذي قصر عن رتبة الصحيح، وكلام الشيخ -رحمه الله تعالى- على إمامته وجلالة قدره فيه ما فيه؛ لأن الحسن عرف قبل الترمذي، عرف في طبقة شيوخه وشيوخ شيوخه، وأيضاً حمل كلام الإمام أحمد على الحسن يفهم منه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، إنما يحتج بها في الفضائل، يعني إذا أتينا بكلام الإمام أحمد وأبدلنا كلمة الضعيف في كلامه أبدلناها بالحسن، وقلنا: إنه إذا روى في الأحكام شدد، وإذا روى في الفضائل خفف فقبل الحسن، إذًا هو لا يقبل حسن في الأحكام، وهذا لا يعرف عن الإمام -رحمه الله-؛ فالقبول معروف عنده لا يختلف فيه، وإن لم يسم الحديث حسناً، لكن ما دام في حيز القبول، ولو نزل عن رتبة الصحيح فإنه مقبول عنده في الأحكام، وبعض الناس ينقل اتفاق الفقهاء على العمل بالضعيف، ينقل الاتفاق عن العلماء على العمل بالضعيف حتى في الأحكام، ويقول: إن كتب الفقه مشحونة بالأحاديث الضعيفة، لكن يلزم عليه أن بعض الفقهاء يعمل بالموضوعات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015