المقصود أن ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرسل، وأما الخلاف في حكمه فلا شك أن المرسل يقابل المتصل، والاتصال شرط لصحة الخبر، فإذا انقطع سنده من أي موضع على القول الأول أو من آخره من الجهة التي فيها الصحابي فرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، من لم يلقه ممن ليس بصحابي تابعي سواء كان كبيراً أو صغيراً، أو على القول الأخير مرفوع التابعي الكبير، كله فيه سقط من السند، تخلف فيه شرط الاتصال، فمن يشترط الاتصال يقول بضعف المراسيل.

وإذا نظرنا في صنيع الأئمة الكبار وجدناهم يقبلون المراسيل في القرن الأول والثاني، ولذا نقل ابن عبد البر في مقدمة التمهيد عن الطبري أن التابعين بأسرهم يحتجون بالمراسيل، ونقل ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أيضاً أن سعيد بن المسيب لا يقبلها، فهل يرد مثل سعيد الذي لا يقبل المراسيل وهو رأس التابعين عند جمع من أهل العلم يرد على كلام الطبري أو لا يرد عليه؟ الطبري ينقل الاتفاق، ينقل الإجماع على أن التابعين يقبلون المراسيل، نعم؟

طالب: ما يرد.

ما يرد، لماذا؟

طالب: لأن الطبري إذا حكى الإجماع يقصد به الأكثر.

نعم، الإجماع عند الطبري هو قول الأكثر، وتفسيره مملوء مما يدل على هذا، تجده يأتي بالخلاف فيقول: اختلف القرأة في كذا، فيذكر فقرأ فلان وفلان وفلان وفلان يذكر عدد، ثم يذكر من خالفهم واحد مثلاً، ثم يقول: والصواب من ذلك عندنا كذا لإجماع القرأة على ذلك، هو ذكر الخلاف، ولكن المخالف واحد أو عدد يسير في مقابل العدد الكثير، فالإجماع عنده قول الأكثر، فلا يرد عليه سعيد -رحمه الله-، وإن كان رأس التابعين.

التابعون بأسرهم يقبلون المراسيل، وذكر أيضاً أن ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أنه لا يُعرف الخلاف بين أهل العلم في قبول المراسيل إلى رأس المائتين، يقصد بذلك إلى مجيء الإمام الشافعي، والشافعي له رأي في المراسيل، لا يردها جزماً ولا يقبلها مطلقاً، بل بشروط، يقبلها بشروط، يقبلها بأربعة شروط، منها، من هذه الشروط:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015