الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في مطلع هذه الرسالة يقول الإمام أبو داود -رحمه الله تعالى-:
"فإني أحمد إليكم الله" يعني التعدية بـ (إلى) ذكر المحقق محقق طبعة من الطبعات، قوله: "أحمد إليكم الله" أي أحمد معكم الله، وأحال إلى كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، وهنا يجعل التقارض بين الحرفين (إلى) و (مع) وهذا معروف عند جمع من أهل العلم، إذا عدي الفعل بحرف وهو في الأصل يتعدى بدون حرف، أو تعدى بحرف غير ما كان يتعدى به، فإما أن يقال: إن الحرف معناه كذا، معنى حرف آخر، {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [(71) سورة طه] قالوا: (في) بمعنى (على) وتقارب الحروف معروف عندهم، وبهذا يقول كثير من أهل العلم، من العلماء، الفقهاء، من المفسرين، من اللغويين وغيرهم.
وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يميل إلى تقارض الأفعال، وتضمين الأفعال، لا تضمين الحروف، فكأنه على رأي شيخ الإسلام لا تكون كما قال الخليل: إن (إلى) بمعنى (مع)، وإنما "فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو" كأنه قال: فإني أبعث إليكم أني أحمد الله -جل وعلا-، الذي لا إله إلا الله، فيأتي بفعل يعدَّى بـ (إلى) أبعث إليكم، أو أرسل إليكم، لا سيما وأن هذه رسالة، فلا نحتاج إلى أن نؤول حرف بحرف، نضمن الفعل بفعل آخر، وهذا ترجيح شيخ الإسلام وله وجهه، ويوجد من يقول به من أهل العلم، والسبب في ذلك أن شيخ الإسلام يميل إلى تضمين الأفعال دون تضمين الحروف، قال: لأن المبتدعة في كثير من تصرفاتهم ضمنوا الحروف معاني حروف أخرى، فيريد -رحمه الله تعالى- أن يتحاشى هذا، لا سيما وأن له وجه، ويقول به جمع من أهل العلم من اللغويين وغيرهم.
طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، قول ابن عباس: "أحمد إليكم غسل الإحليل" يدخل في نفس المدخل هذا؟
لا بد من أن تأتي بفعل يتعدى بما عدي به هذا الفعل الذي عدي بحرف لا يتعدى به في الغالب، فإما أن يكون الفعل لازم ويعدى بحرف، لكنه بغير الحرف المذكور، أو يكون متعدٍ يتعدى بنفسه فيعدى بحرف، وحينئذٍ يضمن معنى فعل لازم.
طالب: الخطابي يا شيخ في غريب الحديث قال: "أرضاه لكم".