يقول هو سيف سله المجد يعني أن الشرف ومعالي الأمور تستعمله وتحمله على قتال الأعداء فلا يغمده المجد بعد أن سله ولا يثلمه الضرب لأنه ليس سيفا من حديد يتثلم بالضرب
عنى بالملك الأعز الخليفة يقول هو سيف يتقلده الخليفة ويمضيه الله تعالى في أعداء دينه فهو زين الخليفة ناصر لدين الله تعالى ومثله لأبي تمام، لقد حان من يهدي سويداء قلبه، لحدّ سنان في يد الله عامله، ومثله لأبي الطيب، فأنت حسام الملك والله ضارب، وأنت لواء الدين والله عاقد،
يقول أعداءه يحاربونه وهم عبيده لأنه يسبيهم فيسترقهم ويملك رقابهم وما يدخرونه من الأموال غنائمه لأنه يحتويها بالإغارة عليها
يقول هم يعدون الدهر كبير الأمر عظيم الشأن لاتيانه بحوادث الخير والشر والدهر دونه لأنه طوع له ويستعظمون الموت لأنه أعظم حادث والموت خادمه لأنه يطيعه في أعدائه
يقول أن الذي سماه عليا فقد سماه بما يستحقه من الوصف بالعلو وقد أنصفه والذي سماه سيفا فقد ظلمه لأن السيف وإن عظم أثره فهو جماد ولأن السيف لا يقطع ما يقطعه
ذكر فضله في هذا البيت على السيف يقول قد ينبو حد السيف عن قطع الهام ومكارم الممدوح تذهب شدائد الزمان وتقطعها عن البرية فمن أين يشبه فعله فعل السيف حتى يطلق عليه اسمه قال يمدح سيف الدولة وقد عزم على الرحيل عن انطاكية
الازماع العزم على الأمر يقول أين أزمعت أن تسير أيها الملك ونحن الذين لا عيش لنا إلا بك وإذا فارقتنا لم نعش كنبات الربى لا يبقى إلا بالغمام لأنه لا شرب له إلا من مائه وغير نبات الربى يمكن أن يجري إليه الماء وهذا من قول الآخر، نحن زهر الربى وجودك غيث، هل بغير الغيوث يورق زهر،
يقول نحن الذين تضايقهم الأيام في قربك فتبخل عليهم بك فتحرمهم لقاءك وتاعد بينهم وبينك وتخونهم في القرب منك والإشارة في هذا إلى أن الزمان يحبه ويعشقه فيغار على قربه ويريد أن ينفرد به دون الناس وهذا معنى معروف قد ذكرته الشعراء كما قال محمد بن وهيب، وحاربني فيه ريب الزمان، كأن الزمان له عاشق، وقوله ضايق الزمان له فيك قال أبن جنى اللام في له زائدة للتأكيد كقوله تعالى ردف لكم وللرؤيا تعبرون قال ابن فورجة يريد نحن من ضايقه الزمان فحذف الراجع إلى الموصول والهاء في قوله له راجعة إلى الزمان يقول نحن الذين ضايقهم الزمان لنفسه ولأجله فيك أي لتكون له دونهم كما تقول هم الذين رضيهم عمر له أي لنفسه وإلحاق اللام بالمفعول قبيح جدا وذلك من لفظ البغداديين
الاجذام الإسراع ومنه قول طرقه، أحلت عليها بالقطيع فأجذمت، يقول أفعالك كلها مقصورة على العلى قاتلت أو سالمت أقمت أم سرت فقصدك في جميع ذلك طلب العلى
أي ليتنا معك نتحمل عنك المشقة في مسيرك ونزولك في سفرك هذا معنى البيت ولكنه أساء حيث تمنى أن يكون بهيمة أو جمادا ولا يحسن بالشاعر أن يمدح غيره بما هو وضع منه فلا يحسن أن تقول ليتني امرأتك فاخدمك
يقول يحث لك في كل يوم سفر جديد وذلك دليل على بعد الهمة كما قال تأبط شراً، كثير الهوى شتى النوى والمسالك، وكل يوم لك سير يقيم المجد عندك في ذلك السير لأن ذلك السير لطلب المجد أو لأن المجد مقيم معك حيثما كنت كما قال الطائي، كلما زرته وجدت لديه، نشبا ظاعنا ومجدا مقيما، وكما قال الأزدي، المجد صاحبك الذي حالفته، أبدا فروضته المريع مرتعك، فإذا رحلت سريت تحت ظلاله، وإذا ربعت ففي ذراه مربعك،