يريد اخلاقهن كما ذكرته والذي يهدي غيره ربما يضل بهن ويخفى عليه بها الرشد حتى يبتلي بهن والكناية في بها تعود إلى الأخلاق لان ضلال الهادي بأخلاقهن إذا اغتر بشدة صبابتهن ويخفى عليه الرشد أيضا بأخلاقهن.
هذا كالأعتذار من حبهن بعد ما ذكر من غدرهن وماسوي اخلاقهن واستدرك على نفسه بأنه لا يقدر على مفارقة هوى نشأ عليه طفلا فهو يزداد على مرور الزمان شدةً.
المزن جمع مزنة يقول سقى الممدوح كل سحاب سقاكم مكافأة له على ما فعل من سقيكم فهو يغدو إليها بالسقيا كما كانت تغدو إليكم جعل الممدوح يسقي السحاب لأنه أكثر ندى.
أي لتروي السحاب كما ترويكم وينبت فوقك الفخر والمجد لأن عطاياه تورث المجد والشرف فيشرب السحاب بما ينال من جدواه فيكون الفخر والمجد نابتين فيها لما شربت من سقياه
الباء متعلقة بتروي يقول لتروى سحابكم بهذا الممدوح وإن شئت قلت ينبت به الفخر والتقدير بجوده أو بسببه ومعنى البيت أن الناس يزدحمون يوم ركوبه للنظر إليه لجلالة قدره والتعجب من حسنه.
أي لشغلهم بالنظر إليه والإيماء نحوه يلقون ما في ايديهم ولا يشعرون به وكأن هذا مقتبس من قوله تعالى فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن.
يقول هو خفيف لحذقه بالفروسية أو خفيف مسرعٌ إلى الحرب إذا بلغ الفرس من الجهد ما يثقل عليه لبده.
يقول يتوصل إلى احراز الحمد باحسانه وإن كان يتعذر الوصول إليه والمعنى لو لاح له الحمد في فك الأسد لتوصل إليه.
يقول إذا أمله الفتى صار غنيا قبل أن يأخذ عطاياه ومعنى غناه أنه ينفق ما يملكه ثقة بالخلف من عنده إذ كان يأمل عطاءه فيعيش عيش الأغنياء وإذا خافه تقطع خوفا منه قبل ان يقتله بسيفه.
اقسم بسيفه تعظيما له على أن السيف في الحقيقة الممدوح لا ما يسله ليضرب به لأنه أمضى منه في الأمور ولأن مضاء السيف بفعله ثم قال وغمدك من الحديد الذي منه السيف يعني درعه والمعنى إذا لبست الدرع كنت فيه كالسيف وكان لك كالغمد.
أي لولا أنت لم يمض الرمح كما أنه لولا القدح لم يضيء الزند لأن النار إنما تستخرج بالقدح والعرب قد تقسم بالسيف والرمح كما روي عن هجرس بن كليب أنه قال أما وسيفي وغراريه ورمحي وزجيه وفرسي وأذنيه لا يترك الرجل قاتل أبيه ينظر إليه ثم حمل إليه فقتله ورواء الأستاذ أبو بكر يثقب أي يضيء يقال ثقبت النار تثقب ثقوبا إذا اضاءت وغيره يرويه لم يثقب الزند وهو أجود لأن الثقوب لازم والإثقاب متعدٍ والثقوب فعل النار والاثقاب فعل الزند.
يقول هو من الآباء القاسمين ومن قال من الرجال القاسمين أثبت للممدوح أمثالا يفعلون فعله والمعنى أنهم يشكرونني على الأخذ والقبول كما اشكرهم على الانعام لانهم يبرون بأن يبروا فيوخذ برهم ويقال أسدى إليه إذا أنعم عليه يقول ينعم عليهم بإنعامهم كما قال زهير، كأنك تعطيه الذي أنت سائله،
جعل الشكر الذي شكروه على أخذ نوالهم هبةً ثانية منهم له ولفظ الهبة في الشكر ههنا متسحسن وزيادة في المعنى والصنعة ومثله الخريمي، كان عليه الشكر في كل نعمةٍ، يقلدنيها باديا ويعيدها، ومثله لأبي الطيب، إذا سألوا شكرتهم عليه،