كان داخلاً فيما دخل فيه على وجه الاختصاص وتفخيم الشأن، كقوله عز وجل: " من كان عدو الله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ". قال: ووجه الاختصاص أن الذكر بصدره، كان أن الأنثى بعجزه. والدعلج: المرح في السير والتردد، ويوصف به الفرس والبعير والحمار، وذكر بعضهم أنه يقال في الضب الهائج ايضاً. وقد أحسن عنترة كل الإحسان حين سلك هذا السبيل فقال:

فازور من وقع القنا بلبانه ... وشكا إلي بعبرةٍ وتحمحم

زفر بن الحارث الكلابي

وكنا حسبنا كل بيضاء شحمةً ... ليالي قارعنا جذام وحميرا

حكى الأصمعي في الأمثال: ما كل بيضاء شحمةً، ولا كل سوداء تمرة. والمعنى: ليس كل ما أشبه شيئاً ذلك الشيء. ومعنى البيت: ظننا لما التقينا مع جذام وحمير أن سبيلهم سبيل سائر الناس، وأنا سنقهرهم قهراً قريباً ثم وجدناهم بخلاف ذلك، لكون أصلهم من أصلنا. واجتماعهم فيما تميزنا فيه عن سائر الناس معنا، وجذام أبو هذه القبيلة فسميت به، وأصله الجذم: القطع، وبه سمي الداء المعروف جذاماً، وقيل للمقطوع اليد: أجذم. وحكى بعضهم: ما سمعت له جذمةً ولا زجمةً، أي كلمةً، لتقطع الصوت بها عند النطق. والقرع: ضرب الشيء بغيره، ثم توسعوا فقالوا: قرعت باطله بحقي، وقرع الشارب جبهته بالإناء إذا استوفى ما فيه.

فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعضٍ أبت عيدانه أن تكسرا

بعضه، انتصب على البدل من النبع. وجواب لما قوله أبت. وتكسر أصله تتكسر. والشاعر اعترف بأن أصل أولئك نبعٌ، كما أن أصلهم نبعٌ، النبع خير الأشجار التي يتخذ منها القسي وأصلبها، كما أن الغرب شرها وأرخاها، فجعلت العرب تضرب المثل بهما في الأصل الكريم واللئيم، حتى إن بعض المحدثين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015