قوله: والظن على الكاذب يجري مجرى الأمثال، ويكون مبنياً على ما قال لبيد، وهو:
واكذب النفس إذا حدثتها ... إن صدق النفس يزري بالأمل
والمعنى: كلٌ منا يحدث نفسه ويكذبها، ثم الظن على من لا يتحقق أمله. ويجوز أن يريد: أنا المعروف المشهور، إن دعوتني لمبارزتك جئتك، فإن كنت تظن غير هذا فظنك عليك، لأنك تكذب نفسك فيما تتوهمه من قعودي عنك، أو نكولي عن الإقدام عليك. ويجوز أن يكون المعنى: إن تدعني أجبك، فإن ظننت أن تكون الغالب فظنك عليك، لأنك تكذب نفسك.
بقيت وفري وانحرفت عن العلا ... ولقيت أضيافي بوجه عبوس
الوفر: المال الكثير. والعبوس: الكلوح عن غضبٍ، وتوسعوا فقالوا: يومٌ عبوسٌ، أي شديدٌ. وهو جبسٌ عبسٌ، في اللئيم. وهذا من الأيمان الشريفة، واللفظ لفظ الخبر، وظاهره الدعاء، ومحصوله القسم. فيقول: ادخرت مالي ولم أفرقه فيما يكسب لي حمداً، فعل البخلاء، وزهدت في اكتساب المعالي والمآثر زهد الأدنياء، وتلقيت الأضياف بوجه رجلٍ كالحٍ إن لم أفعل كذا. ومثله في اليمين قول النابغة:
إذاً فلا رفعت سوطي إلي يدي
إن لم أشن على ابن حربٍ غارةً ... لم تخل يوماً من نهاب نفوس
شن الغارة معجمةً، وسنها معجمةٍ: صبها. وأصل جميعها في الماء، ثم حصل التوسع فيها. يقول: تصورت بتلك الصورة التي ذكرتها وأقسمت بها، إن لم أصب