البيت جواب لهذا السائل وجزاء على فعل المستبيح. ويجوز أن يكون أيضاً إذا ًلقام جواب لو، كأنهأجيب بجوابين. وهذا كما تقول: لو كنت حراً لاستقبحت ما يفعله العبيد، إذاًلاستحسنت ما يفعله الأحرار. وقوله إن ذو لوثة يرتفع ذو عند حذاق النحوين بفعل مضمر، الفعل الذي بعده تفسيره، وهو لان. والتقدير إن لان ذو لوثة لانا. وإنما قالوا هذا لأن إن لما كان شرطاً كان بالفعل أولى، وعمله الجزم فيجب أن لايفارق معموله في اللفظ والتقدير. وليس هذا موضع الكلام على من يجعل ذو بعد إن وما أشبهه مبتدأ. ومعنى البيت إذاً والله لقام بنصرى، أي لتكفل به قوم أشداء عند الغضب، إذا الضعيف لان. ويقال: قام بالأمر، أى تكفل به. وهو القائم والقيم. وقام بالقسط والعدل في الرعية، وقام عليه إذا ساسه ووليه، ومنه القيوم والقيام في صفات الله تعالى، وقوله " إلاما دمت عليه قائماً " أي قاهراً. وأقمت الرمح فقام، بمعنى قمّته فتقوم. وقوله إن ذو لوثة تعريض منه بقومه ليغضبوا ويهتاجوا لنصرته. وهو في البعث والتهيج أحسن من التصريح، كما أنه في الذم والهجو كذلك. وهذا بعض الناس رواه إن ذو لوثةٍ وزعم أن ذو لوثةٍ ليس بجيد لأن الضعيف أبداً مهينن، والواجب أن يقول إن القوي لان، واللّوثة هي القوة. والرواية الصحيحة هي ضم اللام من اللوثة. والفائدة ما ذكرت من التعريض بقومه. ولأن يكون طرفا البيت متناولين بمعنيين متقابلين، أحسن من أن يكونا مفيدين لمعنى واحد والمعشر اسم للجماعة لا واحد له من لفظه. وقال الخليل: هو اسم لجماعةٍ أمرهم واحد. ويقال جاءوا معشر معشر، أي عشرةً عشرةً. وخشن: جمع خشن وأخشن. والحفيظة: الخصلة يحفظ لها، أي يغضب. وقيل هي الحمية، وفي المثل: الحفائظ تحلل الأحقاد وقيل أيضاً أهل الحفائظ أهل الحفاظ. وذلك أن ذا الأنف يحترس من العار، فلايزال يتحفظ ويحافظ حتى يسلم منه. وكأن الأصل في الكل الحفظ الذي هو نقيض النسيان. وقد طابق الخشونة باللين فظهرت الصنعة به، وجاد البيت له، كأنه قال معشر خشنون عند الحفيظة إن كان ذوو اللوثة لينين عندها.

قومٌ إذا الشر أبدى ناجذيه لهم ... طاروا إليه زرافاتٍ ووحدانا

أراد أن يصف بني مازن بما يهتاج له قومه فينصرونه، فقال: هم قوم إذا ظهر لهم الشر واشتد سارعوا إليه غير متوقعين لتجمع، ولامعرجين على تأهب، لكنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015