طائفتينا إلى أبٍ واحد، والشر إذا وقع بين الأقارب كان في عقول ساداتهم أشد تأثيراً، وأبلغ عند الاستعمال به تحذيراً، إذ كان مفاسدة النسيب لنسيبه أفظع، وكان التقاطع حيث يجب التواصل أشنع، لأن عز السيد بتابعيه، وليس الأقارب منهم كالأجانب. وقوله وبيننا قناً من قنا الخطى الواو واو الحال، وقد حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. والمراد: وبيننا اختلاف قناً خطيةٍ بالطعن، أي بلغ جهد البلاء بينهم هذا المبلغ وانتهى إلى هذه الحالة. وقال من قنا الخطى والمراد من قنا الموضع الخطى أو المكان، فأقام الصفة مقام الموصوف. يدل على هذا أنه قال بعده أو من قنا الهند. ويجب أن يكون القنا الأول وإن كان جمع قناةٍ متناولاً لما هو أقلٌ مما يتناوله القنا الثاني حتى يحصل معنى التبعيض بمن. والخط: جزيرة عمان. ويقال في الرماح هي الخطية، كأنه اسمٌ لها.
قرومٌ تسامى من نزارٍ عليهم ... مضاعفةٌ من نسج داود والسغد
القروم في الأصل: الفحول المصاعب التي أعفيت من الحمل عليها وتركت للفحلة. ويقال أقرمت البعير فاستقرم. وعنى بها ها هنا الأبطال الكرام. وتسامى، أي تتعالى في التباري والتماري. والأصل في تسامي تتسامى فحذف إحدى التاءين استثقالاً لاجتماعهما. وقوله من نزارٍ في موضع الصفة لقروم، والتقدير قرومٌ نزاريةٌ تتسامى، وقوله عليهم مضاعفةٌ في موضع الحال والعامل فيه تسامى. ومعنى المضاعفة: التي نسجت حلقتين حلقتين. ومن نسج داود في موضع الصفة للمضاعفة، وأراد مضاعفةً داوديةً وسغديةً. وارتفع مضاعفةٌ بالظرف في المذهبين جميعاً لوقوع الظرف في موضع الصفة. ومثله من مسائل الكتاب: مررت برجلٍ معه صقرٌ صائداً به غداً.
إذا ما حملنا حملةً ثبتوا لنا ... بمرهفةٍ تذرى السواعد من صعد
وإن نحن نازلناهم بصوارمٍ ... ردوا في سرابيل الحديد كما نردى
أما البيت الأول فقد ألم فيه بمعنى قول الآخر:
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعضٍ أبت عيدانه أن تكسرا