وهو خلاف قول الآخر وهو يهجو:
ولما أن رأيت بني جوينٍ ... جلوساً ليس بينهم جليس
إذا ما قلت أيهم لأيٍ ... تشابهت المناكب والرءوس
لأن هذا يصف أهل بيتٍ بأنهم لا يرى فيهم نديم ولا معاشرٌ، ولا يغشى فناءهم جليسٌ ولا مخالطٌ، ولا يقصدهم عافٍ ولا مجتدٍ، ولا يؤمهم راحٍ ولا معتفٍ، إنما اكتفى كلٌ منهم بصاحبه، وانفرد كل ذي بيتٍ بنسيبه. وعلى هذا الذي فسرنا يكون من تغلب ابنة وائلٍ خبراً، وحماةٌ خبراً ثانيا. والتقدير: فوارسها تغلبيون حماةٌ. ويجوز أن يكون من تغلب ابنة وائلٍ في موضع الحال، وحماةٌ الخبر، والتقدير: فوارسها وهم من بني تغلب حماة. وحماةٌ: جمع حامٍ. وكماةٌ: جمع كمىٍ. وهذا البناء من الجوع لا يكون إلا في المعتل. والاشائب: جمع أشابةٍ، وهم الذين جمعوا من شيءٍ إلى شيءٍ، على رداءةٍ فيهم وهجنةٍ تشوبهم.
فهم يضربون الكبش يبرق بيضه ... على وجهه من الدماء سبائب
وإن قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب
وصفهم بأنهم يطلبون الرؤساء في الحرب بالقتل والنكاية، دون الأوساط والعجزة والسقاط، فهو كقول الآخر:
من عهد عادٍ كان معروفاً لنا ... أسر الملوك وقتلها وقتالها
وقوله يبرق بيضه في موضع الحال من يضربون، وعلى وجهه من الدماء سبائب في موضع الحال أيضاً من قوله يبرق بيضه. والسبائب: الطرق، الواحدة سبيبةٌ، وقوله وإن قصرت أسيافنا مثل قول الآخر:
تصل السيوف إذا قصرن بخطونا
وفي طريقته قول الآخر:
إذا الكماة تنحوا أن ينالهم ... حد الظبات وصلناها بأيدينا