وإني لأشري الحمد أبغي رباحه ... وأترك قرني وهو خزيان ناعس

هذا من جملة ما أقسم عليه، فيقول: إني لأشتري الحمد طالباً ربحه، ومجتنياً ثمره. وثمرة الإحسان الشكر، ويجلب الشكر الثناء الجميل والأحدوثة الحسنة من كل من يسمع بالصنيع. ولما استعمل الشرى في اكتساب الحمد مجلياً للمعنى، استعمل الربح فيما يتسبب منه وينتتج. على ما يتعود في المتاجر، ويتطلب من البياعات. وقوله وأترك قرني وهو خزيان أي أهينه وأكسره، حتى يبقى مطرقاً خجلا مغضوض الطرف متندماً، كمن غلبه النعاس. وقيل ناعس المراد به أنه مشرفٌ على الموت. قال: ويقال طعنت صاحبي فأنمته، أي قتلته. وطعنت صاحبي فأنعسته، أي رنحته. والرباح: مصدرٌ كالربح. ويقال للفائز بالخير: هو رابح الصفقة.

وقالت كنزة أم شملة بن بردٍ المنقرى

إن يك ظني صادقاً وهو صادقي ... بشملة يحبسهم بها محبساً أزلا

قد مضى الكلام في حذف النون من يك في غير موضع. ومراد كنزة من الكلام أن تجعل التقصي في مجاهدة القوم، وبلوغ أبعد الغايات في طلب الثأر من ابنها ببالٍ، فأقبلت تقول: ظني بابني كيت وكيت، مذكرة وموصيةً. والذي زعمت أنه في ظنها، ومن أحاديث نفسها، هو ما تقترحه على ابنها، وتتمنى أن يحتفظ به من وصاتها. وقولها " وهو " يجوز أن يكون للظن، والمعنى: إن كنت ألمعياً، فظني بشملة يصدقني لا محلة، فإنه يفعل كذا. والباء من قولها بشملة يجوز أن يكون متعلقاً بصادقي، أي وهو يصدقني بسبب شملة، وإن شئت يتعلق بظني. ويجوز أن يكون " هو " ضمير ابنه شملة والمعنى: وهو فيما أتفرس فيه وأعتقده من غنائه، يصدقني ويكون بشملة تبييناً لا صلة، كما يكون بك بعد مرحباً تبييناً بحبس القوم بتلك المعركة محبساً ضيقاً. ويقال أزلوا ما لهم يأزلونها أزلاً، إذا حبسوها في المرعى، مخافة الأعداء عليها. فالأزل مصدرٌ وصف به.

فيا شمل شمر واطلب القوم بالذي ... أصبت ولا تقبل قصاصاً ولا عقلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015