فلما جمعنا القدر لغداةٍ الأنحس، كنا كإبلٍ جربى طليث بالهناء لاقت مثلها فتحاكت متلذذةً، وتدافعت متشفية. الهيم: الإبل العطاش، وإذا كانت جربى قد عطشت وطليت كان حماها أزيد، وكربها افظع، وتحككها أشد. والخنس: جمع خانس، كشاهدٍ وشهدٍ. والخنوس: الانقباض والانخفاض. والباء من قوله بهيم يتعلق بتمرس، وتمرس صفة الهيم الأول، وطليت صفٌة للثاني.

وقال الأرقط بن دعبل بن كلبٍ العنبري

إني ونجماً يوم أبرق مازن ... على كثرة الأيدي لمؤتسيان

لقى هذا الرجل وابنه قوماً لصوصاً فقاتلاهم وظفرا بهم، فأخذ يقتص الحال. ونجمٌ: اسم ابنه. يقول: إني وابني نجماً في يوم الالتقاء مع المتلصصة بأبرق مازن والأبرق مكانٌ فيه حجارةٌ سودٌ وبيض، ومنه جبلٌ أبرق، إذا كان طاقاته ذات لونين سوادٍ وبياض على كثرتهم وقلتنا، لمؤتسيان، أي يواسي كلٌ منا صاحبه على أمره، ويساعده على مراسه. وقوله على كثرة الأيدي في موضع الحال.

يلوذ أمامي لوذةً بلبانه ... وترهب عنا نبعةٌ ويمان

الضمير في قوله يلوذ لنجمٍ ابنه، والباء في بلبانه يتعلق بيلوذ، ولا يجوز أن يتعلق بقوله لوذةً، لأن الفعل والمصدر إذا اجتمعا فالفعل بالعمل أولى. والهاء ضمير الفرس، ولم يجر ذكره، ولكن المراد مفهومٌ، وكان الأرقط فارساً على ما يدل الكلام عليه، والابن راجلاً. وكان لياذه من حر الوقاع في الوقت بعد الوقت بأبيه، على عادة مزاولي الحروب في تساند الرجالة إلى الفرسان، ثم قال " وترهب عنا نبعةٌ ويمان تنبيها على عدتهما واستظهارهما بسلاحهما. ويعني بالنبعة قوسا.

ونغشى فنغشى ثم نرمى فنرتمي ... ونضرب ضرباً ليس فيه توان

يقول: نحمل عليهم فيحملون علينا، ثم يرموننا من بعد فنرميهم. كأنهم طاردوا أولاً ثم ناضالوا وأخروا الجلاد. فقال: ونضرب ضرباً لا فتور فيه ولا تقصير، وهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015