إباءً، وأبلغ شماساً، وأحمى أنفا وأعز جانباً، والشماس: الامتناع، ومنه شماس الدابة، وهو أن لا يمكن من الإسراج والإلجام. وكانت بنو ضبيعة حلفاء لبني ذهل بن ثعلبة بن عكابة، فوقع بينهم نزاعٌ، فعاتبهم المتلمس. وقوله وإن يك منا في حبيبٍ تثاقلٌ فإنه أراد حبيبٍ فخفف، وهو حبيب بن كعب بن يشكر بن بكر بن وائل. يقول: إن تكاسل بنو حبيب عن طلب دمائنا، وتثاقلوا عن إدراك ثأرنا، فقد كان منا من يدأب ويسهرن فلا يرى تعريساً وتلوماً وتعريجاً في ذلك. والمقنب: زهاء ثلاثمائةٍ من الخيل. والتعريس: نزولٌ في آخر الليل.
تفندني فيما ترى من شراستي ... وشدة نفسي أم سعدٍ وما تدري
فقلت لها إن الحليم وإن حلا ... ليلفي على حال أمرٍ من الصبر
تفندني أي تجهلني. والفند: إنكار العقل من هرمٍ. يقال شيخٌ مفندٌ. وفي القرآن: " لولا أن تفندون "، أي تجهلوني، وفسر على تكذبوني أيضاً. والشراسة: صعوبة الخلق وخشونة الجانب. فيقول: تعيبني هذه المرأة على ما ترى من عسر الخلق وإباء النفس وفظاظة القلب، جاهلةً بأحوال الرجال، والفصل بين أوقات الجد والهزل، والشدة والليان، فأجبتها وقلت: إن الرجل الحليم وإن لان عطفه وسهل خلقه فقد يوجد في وقت الغلظة وعند حالة القسوة أمر مرارةً من الصبر، وأشد صلابةً من الحجر. وقوله وما تدري في موضع الحال. وفي هذه الطريقة قول الآخر:
وإني لحلوٌ إن أريدت حلاوتي ... ومرٌ إذا نفس العزوف اقشعرت
وفي اللين ضعفٌ والشراسة هيبةٌ ... ومن لا يهب يحمل على مركبٍ وعر
الواو من قوله والشراسة عاطفةٌ لجملةٍ على جملةٍ، ولا يجوز أن يجر الشراسة على أن يكون معطوفاً على في اللين، لما فيه من العطف على عاملين بحرفٍ واحدٍ. ومعنى البيت أن من استلين جانبه في كل حالٍ استضعف واهتضم، ومن استخشن خلقه هيب وتحومي.