هذا قول الهذلي ساعدة:
وحوافرٌ تقع البراح كأنما ... ألف الزماع بها سلامٌ صلب
فمعنى تقع البراح، أي تقرعه. وروى الجمحي هذا البيت:
................. كأنما ... ألف الزماع ردى سلام صلب
وقال: ردى صخرةٍ، شبه الأنف بها، فعلى هذه الرواية يحصل التوافق بين بيتي عنترة وساعدة الهذلي في اللفظ أيضاً.
يتابع لا يبتغي غيره ... بأبيض كالقبس الملتهب
التتابع والمتابعة يستعملان في اطراد الشيء واستمراره على حدٍ واحدٍ. على هذا قوله:
وعراضة السيتين توبع بريها
ومفعول يتابع محذوفٌ، ويجوز أن يكون الفعل للرجل ويجوز أن يكون للفرس. كأن المراد: يتابع الركض أو العدو. وموضع لا يبتغي نصبٌ على الحال. والباء من قوله " بأبيض " يجوز أن يريد به سيفاً. والقبس: النار. شبهه بها في بريقها ولمعانها ويجوز أن يريد به رجلاً كريما، ويكون على هذا " يتابع " للفرس. وشبهه بالنار لذكائه ونفاذه. واستعمال البياض في الكرم ونقاء العرض كثيرٌ معروف، على ذلك قول الآخر:
أمك بيضاء من قضاعة.......
فأما معنى قوله " يبتغي غيره " فيجوز أن يكون أن همته كانت موكولةً به لا بشيءٍ من الغنائم والأموال. وكأنه ألم بقوله:
أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ويجوز أن يريد أن قصده في الطلب كان إليه لا إلى غيره من الناس.