يروى مثل الهم، هو مصدر هممت بالشيء، أي إذا هم يجب عليه أن ينفذه ولا يؤخره. ويقول: لم أر كالفقر يتخذه الفتى ضجيعا، أي يرضى به وبلزومه له ولم أر كسواد الليل أكدى راكبه والطالب فيه. والمعنى: يجب ألا يحصل واحدٌ منهما، لا الرضا بالفقر، ولا الإخفاق مع ركوب الليل. ويقال ضجع ضجعاً وضجوعاً واضطجع بمعنىً واحد، ومنه قيل للعاجز الضجعي والضجعة. وتسمى الكواكب التي لا تسير: الضواجع. والإخفاق: أن يغزو فلا يغنم، أو يرجو فيخيب. قال عنترة:
فيخفق مرةً ويصيب أخرى ... ويفجع ذا الضغائن بالأريب
وقوله أخفق طالبه، أي الطالب فيه. وهذا من إضافة الشيء إلى الشيء لكونه فيه.
ألا قالت الخنساء يوم سويقةٍ ... عهدتك دهراً طاوي الكشح أهضما
يقول: قالت هذه المرأة يوم اجتماعنا في سويقةٍ: عهدتك زماناً ممتداً صغير البطن، مطوي الكشح والجنب. وإنما أنكرت سمنه وكثرة لحمه، فأجابها بالبيت الثاني. والهضم: انضمام الضلوع، وتقارب الجنبين.
فإما تريني اليوم أصبحت بادناً ... لديك فقد ألفى على البزل مرجما
يقول: إن كنت ترينني اليوم - وهو إشارةٌ إلى يومه وما يقربه منه - أصبحت مثقل النفس، مبدن الخلق لديك، أي في منظرك ومعتقدك، فإني إذا ركبت البزل وجدت عليها مرجما. والمرجم: الذي كأنه آلةٌ في رجم الأرض بأخفاف الإبل ووطء الأقدام. وينتصب مرجما على الحال. وقيل المرجم في السفر: البعيد في الغاية. وكما قيل رجلٌ مرجمٌ، قيل يدٌ مرجمٌ، ورجلٌ مرجمٌ، ولسانٌ مرجمٌ، قال الشاعر:
شديد الرجام باللسان وباليد
وإما، في أكثر الأحوال يلزم الفعل الواقع بعده إحد النونين الثقيلة والخفيفة، لأنه كما أكد حرف الشرط ب ما أكد الفعل المشترط به بالنون أيضاً. وها هنا جاء خالياً من النون.