وقوله " فقلت له كيف الإناحة "، يريد كيف الوصول إلى النزول وقد أصبحنا وساق الليل صبح واضح الطريقة، متكشف الشريعة، يجلى الظلام فيه ويفرق. يريد أن الرأي وقد انصرم الليل أن نتبلغ إلى الماء الذي نقصده ثم ننزل. آخر:

وفتيان بنيت لهم ردائي ... على أسيافنا وعلى القسي

فظلوا لائذين به وظلت ... مطاياهم ضوارب باللحي

فلما صار نصف الظل هناوهنا نصفه قصم السوي يقول: رب فتيان أثر فيهم الحر، ومالوا إلى النزول، فبنيت لهم ما أظلهم على الأسياف والقسي، وقد غشيت بردائي فظللوا من نهارهم ملجئين إليه ولائذيم من الحر به، وبقيت مطاياهم لتأثير أواره فيها، وإحراقها بتوقد الهاجرة عليها، تضرب بلحيها على الأرض، فلما زال قائم الظهيرة وصار الظل نصفين لا شطط في انقسامه ولا اعوجاج في سويه. وجواب لما منتظر. وقوله " هنا " انتصب على الظرف، وقد وقع موقع خبر صار.

وسمعت شيخنا أبا علي الفارسي رحمه الله يقول: ليس هنا من لفظ هنا في شيء، ووزنه فعلل مثل جعفر، فهو رباعي، وهنا ثلاثي. كأن أصله هنن، فأبدلوا من إحدى نوناته الألف هرباً من التضعيف.

وقوله " قسم السوي " انتصب على المصدر، والمراد وقد قسم قسم الإنصاف. ودل على الفعل قوله " نصف الظل هنا ".

والسوي أكثر ما يجيء في آخره هاء التأنيث: السوية، قال الشاعر:

ألا إن السوية أن تضاموا

ويجوز أن يريد بالسوي المسوي، كما جاء في الخبر: " لا تحل الصدقة لغنىٍ، ولا لذي مرة سوي ".

دعوت فتى أجاب فتى دعاه ... بلبيه أشم شمردلي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015