قال بعضهم:
وهاجرةٍ تشوي مهاها سمومها ... طبخت بها عيرانةً واشتويتها
مفرجةً منفوجةً حضرميةً ... مساندةً سر المهارى انتقيتها
أراد بالهاجرة الوقت الذي يهجر السير له إذا قام قائم الظهيرة وغلب الحر فيه. وهي فاعلة بمعنى مفعولة. والمها: بقر الوحش. فيريد أن حرها يشوي الوحش ويطبخها. وقوله " طبخت بها عيرانة " يعني بتلك الهاجرة. والعيرانة: الناقة تشبه العير. و " شويتها " أي سرت عليها حتى أنضاها الهواجر وحسرها وأذهب لحمها، فصارت كالمحترقة. والمفرجة: هي التي بعدت مرافقها عن زورها واتسعت آباطها وفرجت ما بين قوائمها، فهي فتلاء المرفق لا يصير حازاً ولا ناكتاً ولا ضاغطاً. والمنفوجة: الواسعة الجنبين. والحضرمية هي التي حصلت من نسل إبل حضرموت، وهي قرية بالشأم. والمساندة: القوية الظهر وسر المهارى، أي خيارها. والمهارى: جمع مهرية وهي المنسوبةإلى مهرة بن حيدان، أي من نتاجه. وانتقيتها، أي اخترتها. والمراد أنه قاعٌ للمفاوز في الهواجر، مبتذلٌ لنفسه وراحلته لا يبقي عليهما في حرٍ، ولا يقيهما من سمومٍ وتعب. وقوله " تشوي مهاها سمومها " في موضع الصفة للهاجرة. وقوله " طبخت " جواب رب.
فطرت بها شجعاء قرواء جرشعاً ... إذا عد مجد العيس قدم بيتها
وجدت أباها رائضيها وأمها ... فأعطيت فيها الحكم حتى حويتها