خلطت بغثها سمنى فأضحت ... شريكة من يعد من العيال
يقول: رب امرأة منقطع بها سيئة الحال ضعيفة الحراك، إذا أرادت النهوض تعتمد على يديها، لتأثير الضر فيها، أو لإقصاص الهزال إياها، وهو دنو الموت منها - ويقال: أقصة كذا من الموت، أي أدناه - أنا خلطت بفقرها غناي، وبما رق من حالها كثافة حالي، فصارت تعد في جملة العيال، ومشاركة فيما أقتنيه من المال، لا تمايز يظهر لها، ولا تباين يوجب انقباضها. وقوله تنوء على يديها، أي تنهض، وهو في موضع الصفة لأرملة. وجواب رب خلطت بغثها سمنى. ويقال لحم غث بين الغثانة والغثونة، إذا كان مهزولاً. وقيل: كلام غث، على التشبيه، أي لا طلاوة عليه.
وأفنتني الليالي، أم عمرو ... وحلى في التنائف وارتحالي
وتربيتي الصغير إلى مداه ... وتأميلي هلالاً عن هلال
يقول: أفنى قواى نوائب الزمان، وتصاريف الليالي والأيام، وتنزلي في المفاوز والقفار، وتنقلي في مختلفات الأسفار، وتربيتي الطفل الرضيع إلى أن يبلغ ويجتمع، واليافع الكبير إلى أن يعلو ويستكمل، وتعليقي الأمل بشهر مستهل بعد شهر، وحول مؤتنف بعد حول. وإنما يصف ما عاناه، وامتحن به حالاً بعد حال، وتردد فيه فقاساه وقتاً بعد وقت، إلى أن تقضي عمره، ونفدت قوته.
ويشبه هذه الأبيات قول الأخر:
لقد طوفت في الآفاق حتى ... بليت وقد أنى لي لو أبيد
وأفناني ولا يفنى نهار ... وليل كلما يمض يعود
وشهر مستهل بعد شهر ... وحول بعده حول جديد
ومفقود عزيز الفقد تاتي ... منيته ومأمول وليد
وإن كان هذا أحسن استيفاء.