ذلك قال أبو العيال الهذلي:
أبو الأضياف والأيتا ... م ساعة لا يعد أب
ويجوز أن يكون المراد بعلات الزمان تحوله وتبدله.
وعاذلة قامت علي تلومني ... كأني إذا أعطيت مالي أضيمها
أعاذل إن الجود ليس بمهلكي ... ولا يخلد النفس الشحيحة لومها
قوله وعاذلة انجر بإضمار رب، وجوابه يجوز أن يكون قامت علي وتلومني في موضع الحال، ويجوز أن يكون الجواب محذوفاً، كأنه قال: قلت لها: أعاذل إن الجود ليس بمهلكي، لأن قامت علي من صفة العاذلة. وقوم كأني إذا أعطيت مالي أضيمها اعتراض وقع بين رب وجوابه. والمجرور برب أكثر ما يجيء موصوفاً. ويجوز أن يكون قوله كأني إذا أعطيت مالي أضيمها الجواب.
ثم أقبل عليها يخاطبها، وهذا تشبيه يجري مجرى تصوير الحال في إخراج الخافي إلى البيان، فيقول: رب لائمة على تعتب وتوبخ، كأني أبخس حظاً لها إذا بذلت مالي، أو أغصبها حقاً من حقوقها، لتناهي ظلامها - قلت لها: إن ما أعتده من البذل والسخاء لا يقرب منيتي عن أمدها، ولوم النفس البخيلة، لا يديم بقاءها في دنياها، فإذا كان الجود يفنى والبخل لا يبقي ولا يقنى وكان في السخاء إقامة المروءة واكتساب الأكرومة، وادخار الشكر واقتناء الأجر، فالعقل يوجب الأخذ به، والحزم يقتضى الزهد في غيره.
وتذكر أخلاق الفتى وعظامه ... مغيبة في اللحد بال رميمها
ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه ... يدعه ويغلبه علىالنفس خيمها
يقول: إن أخلاق الفتى مذكورة بعد موته، ومترددة في المجالس مع اسمه، فإن حسنت عند الفحص حمدت، وإن قبحت في السمع ذمت. هذا وعظامه بالية قد صارت رمة في لحده، ومغيبة عن المشاهدة ضمن قبره. ومن تكلف ما ليس من