وقال أيضاً فيه:
ما زلت في العفو للذنوب وإطلاق لعان بجرمه غلق
حتى تمنى البراة أنهم ... عندك أمسوا في القد والحلق
قوله في العفو في موضع النصب على أنه خبر مازال، والجار منه تعلق بمضمر، كأنه قال: مازلت آخذاً في العفو وداخلاً فيه، إلى أن تمنى من لا جرم له أن يكون جارماً عليك حتى يتوفر عليه نظرك وإحسانك.
وأم أبو تمام بهذا المعنى فقال:
وتكفل الأيتام عن آبائهم ... حتى وددنا أننا أيتام
فعده كثير من أصحاب المعاني خطأ فيه، وقالوا: جعله لا يعرف مواضع الصنيعة إذ صار الناس يمنون منزلة الأيتام عنده وحرماتهم لديه حتى ينالهم إفضاله، ولو ساغ هذا القول فيما قاله أبو دهبل، وهو تمني البراة أن يكونوا أسراء مصفدين لديه حتى يلحقهم إحسانه، إذ لا فرق بين الموضعين. ولم ينكر أحد من المتقدمين والمتأخرين ما قاله أبو دهبل ولا قدحوا فيه. وقد أحكمت القول في التسوية بينهما في رسالة الانتصار، من ظلمة أبي تمام، وبينت أن المعنى الذي انتحاه سليم من العيب صحيح.
والعاني: الأسير. والغلق: المتروك لا يفك.
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجوههم:
إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم